كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 22)

وإنَّه قد بلغني ما قضاه الله تعالى من وفاة سيِّدي الأخ الفاضلِ العالمِ العاملِ عِزِّ الإسلام: محمد بن يحيى بن علي المعلِّمي رحمه الله تعالى. وهذا حوض مورود، وسبيل مسلوك، لا مفرَّ منه، ولا محيدَ عنه.
كلُّ ابنِ أمٍّ وإن طالت سلامتُه ... يومًا على آلةٍ حدباءَ محمولُ (¬١)
ولقد ــ والله ــ ذرفت العيونُ، وتسعَّرت الشجونُ، وتصاعدت الزفراتُ، وتوقَّدت الحسراتُ. إذا ما استنجدتُ الصبرَ لم يُجِبْ، وإذا دعوتُ الجَلَد (¬٢) لم يُلبِّ. فإذا التفتُّ إلى الدموع وجدتُها مُسْعِدةً بصَبِيبها، مُرجَحِنَّةً بشآبيبها.
إذا ما دعوتُ الصبرَ بعدكَ والبكا ... أجاب البكا طَوعًا ولم يُجِبِ الصبرُ
فإن ينقطعْ منك الرَّجاءُ فإنَّه ... سيبقَى عليك الحزنُ ما بقى الدهرُ (¬٣)
على أنِّي كلما غفلَتْ عيناي عن السَّكْبِ أهَبْتُ بهما إليه، وكلَّما سكن صدري عن الزفير حرَّضتُه عليه.
أقول لنفسي في الخلاء ألومُها ... لكِ الويلُ ما هذا التجلُّدُ والصبرُ
ألم تعلمي أنْ لستُ ما عشتُ لاقيًا ... أخي إذ أتى من دون أوصاله القبرُ
وكنتُ أرى كالموت من بين ليلةٍ ... فكيف ببينٍ كان ميعادَه الحشرُ
---------------
(¬١) لكعب بن زهير من قصيدة بانت سعاد. والرواية: "كلُّ ابنِ أنثى". انظر "ديوانه" (١٩).
(¬٢) بعده في الأصل: "قال"، ولعله كتبها سهوًا ثم نسي أن يضرب عليها.
(¬٣) البيتان للعباس بن الأحنف في ديوانه بتحقيق عاتكة الخزرجي (١٣٧)، وهما في حماسة أبي تمام (١/ ٤٣٧) والحماسة البصرية (٢/ ٧٥٨).

الصفحة 22