كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 22)

آثارُها (¬١) في قلوب الخلق، حتى عزَّ من الدين جانبُه، وظهرت مناقبُه، وتألَّبتْ مقانبُه، واتسع لاحِبُه، وأمِن صاحبُه، واهتدى طالبُه، واتَّضح مندوبُه وواجبُه، وتلألأتْ كواكبُه، وبدَتْ من النَّصر عجائبُه، واستبانتْ غرائبُه ورغائبُه.
اللهمَّ فصلِّ وسلِّمْ على هذا النبي الكريم، ذي الخُلُق العظيم: سيِّدِنا محمدٍ أفضلَ الصلاة والتسليم، وعلى آله وأصحابه ذوي الفضل العميم.
أما بعد، فأوصيكم ــ عبادَ الله ــ ونفسي بتقوى الله، فاعلموا أنكم إنما خُلقِتم للعمل، لا لجمع المال والخَوَل، فيا سعادةَ مَن راقبَ هجومَ الأجل، وكان من دنياه على وَجَل! ويا شقاوةَ مَن غَرَّه طولُ الأمل، وامتدادُ المُهَل؛ فوقع في الزلل، والخطأ والخَطَل!
ابنَ آدم، إن كنتَ مؤمنًا بالله ورسوله وباليوم الآخر، فكيف يسوء عملُك؟ وإن كنتَ لا تأمن هجومَ الموت في كلِّ لحظة، فكيف يطول أملُك؟ وإن كنت مصدِّقًا بوعد ربِّك فكيف يطول في جمع هذه الدنيا تعبُك؟ وإن كنت عالمًا أنَّك مؤمِّل بالجِدِّ، فكيف يسوغ لعبُك؟
قد كان قبلَك مَن هو أطولُ منك أملًا وأكثرُ مالًا وخَوَلًا، بينا هم في مثلِ ما أنت فيه من الغفلة، والطمعِ في امتدادِ المهلة، وتركِ الاستعداد بزاد الرِّحلة؛ إذا بهاذمِ اللَّذَّات قد اختطَفَهم، ومن بين أحبِّتهم اقتطَفَهم. فأعوَلَ أحبابُهم، ونُزِعَتْ ثيابُهم، وفُتِحتْ أجداثُهم، وسُوِّي عليهم ترابُهم، وتقسَّمَ
---------------
(¬١) "آثارها" غير واضحة في الصورة.

الصفحة 4