كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 22)

{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: ٢٠]، وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قال الله تعالى: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رَأَتْ، ولا أذنٌ سمعتْ، ولا خَطَر على قلبِ بَشَرٍ. واقرؤوا إن شئتم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: ١٧] " (¬١).
وأين مآبُ الصالحين ــ وهذه صفته ــ من مآل الفاسقين؟ وقال الله تعالى فيه: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨) انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (٣٠) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات: ٢٨ - ٣٤].
وقال فيه رسولُه - صلى الله عليه وسلم - ، وقرأ قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢]: "لو أنَّ قطرةً من الزقُّوم قُطِرَتْ في دار الدنيا لأفسَدَتْ على أهلِ الأرضِ معايشَهم، فكيف بمن يكونُ طعامَه؟ " (¬٢). وإذا كان هذا هو الطعام، فكيف بالعذاب؟ وكفى برضوان الله نعيمًا وخيرًا عظيمًا، وكفى بسخطه جحيمًا وعذابًا أليمًا.
ألا، وإنَّ رمضان قد انقضى شاهدًا بما أُودِعَه من خيرٍ أو شرٍّ. وإنَّ أشهرَ الحجِّ قد حضرَتْ، فلْينظر الإنسانُ ما هو مُودِعُها من نفعٍ أو ضَرٍّ. فإنَّ ربَّ
---------------
(¬١) من حديث أبي هريرة. أخرجه البخاري (٣٢٤٤) ومسلم (٢٨٢٤).
(¬٢) من حديث ابن عباس. أخرجه الترمذي (٢٥٨٥) وابن ماجه (٤٣٢٥). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

الصفحة 48