ثم قال: يا نبي الله، كذاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، وأنزل الله، عز وجل: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين}، فلما كان يومئذ والتقوا، فهزم الله، عز وجل، المشركين، فقتل منهم سبعون رجلا، وأسر منهم سبعون رجلا، فاستشار رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم أبا بكر وعليا وعمر، فقال أَبو بكر: يا نبي الله، هؤلاء بنو العم، والعشيرة، والإخوان، فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسى الله أن يهديهم فيكونون لنا عضدا، فقال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قال: قلت: والله، ما أرى ما رأى أَبو بكر، ولكني أرى أن تمكنني من فلان، قريبا لعمر، فأضرب عنقه، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم، فهوي رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم ما قال أَبو بكر، ولم يهو ما قلت، فأخذ منهم الفداء، فلما أن كان من الغد، قال عمر: غدوت إلى النبي صَلى الله عَليه وسَلم فإذا هو قاعد وأَبو بكر، وإذا هما يبكيان، فقلت: يا رسول الله، أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، قال: فقال النبي صَلى الله عَليه وسَلم: الذي عرض علي أصحابك من الفداء، لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة، لشجرة قريبة، وأنزل الله، عز وجل: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} إلى قوله: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم} من الفداء، ثم أحل لهم الغنائم، فلما كان يوم أُحُد من العام المقبل، عوقبوا بما صنعوا يوم بدر، من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون، وفر أصحاب النبي صَلى الله عَليه وسَلم عن النبي صَلى الله عَليه وسَلم وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدم على
⦗٤٢٧⦘
وجهه، وأنزل الله تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير} بأخذكم الفداء» (¬١).
---------------
(¬١) اللفظ لأحمد (٢٠٨).