إني لا أعلم أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر، الذين توفي رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وهو عنهم راض، فمن استخلفوا بعدي فهو الخليفة، فاسمعوا له وأطيعوا، فسمى عثمان، وعليا، وطلحة، والزبير، وعبد الرَّحمَن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وولج عليه شاب من الأنصار، فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله، كان لك من القدم في الإسلام ما قد علمت، ثم استخلفت فعدلت، ثم الشهادة بعد هذا كله، فقال: ليتني يا ابن أخي، وذلك كفافا لا علي ولا لي، أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين خيرا، أن يعرف لهم حقهم، وأن يحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرا، الذين تبوؤوا الدار والإيمان، أن يقبل من محسنهم، ويعفى عن مسيئهم، وأوصيه بذمة الله، وذمة رسوله صَلى الله عَليه وسَلم أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم» (¬١).
- وفي رواية: «عن عَمرو بن ميمون، قال: قال عمر، رضي الله عنه: أوصي الخليفة بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقهم، وأوصي الخليفة بالأنصار الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبل أن يهاجر النبي صَلى الله عَليه وسَلم أن يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم» (¬٢).
- وفي رواية: «عن عَمرو بن ميمون الأَوْدي، قال: سمعت عمر قبل قتله بأربع، وهو واقف على راحلته، على حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف، فقال: انظرا ما قبلكما، ألا تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق، فقال حذيفة: حملنا الأرض أمرا هي له مطيقة، وقد تركت لهم مثل الذي أخذت منهم، وقال عثمان بن حنيف: حملت الأرض أمرا هي له مطيقة، وقد تركت لهم فضلا يسيرا، فقال: انظرا ما قبلكما، ألا تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق، فإن الله سلمني، لأدعن أرامل أهل العراق، وهن لا يحتجن إلى أحد بعدي» (¬٣).
---------------
(¬١) اللفظ للبخاري (١٣٩٢).
(¬٢) اللفظ للبخاري (٤٨٨٨).
(¬٣) اللفظ لعبد الرزاق (١٠١٣٥).