كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 22)
وكان العادل قد انحرف عنه في آخر عمره، ونفاه إلى آمد، فأقام بها حتى توفي العادل، فأرسل الكامل وراءه، فجاء إلى دمشق، ولم يدخلها (¬1)، ونزل في بيت رانس عند المؤيَّد العقرباني، [وكان في أيام العادل يسير إليه ويجتمع عنده في درب الشَّعارين، ] (¬2) وكان قد قَلَّ نظره، ثم سار إلى مِصْر، ففوَّض إليه الكامل الأمور على عادته في أيام وزارته، فتوفي وهو على حُرْمته، وله بالقاهرة مدرسةٌ مشهورة.
الملك العزيز عثمان بن العادل (¬3)
شقيق المعظم [لأبيه وأمه] (2).
كان صاحب بانياس وتبنين وهُونين، والحصون، وهو الذي بنى الصُّبيبة، وكان عاقلًا، قليل الكلام، مطيعًا لأخيه المعظم، وكان بعد موت المعظم قد عامل على قلعة بعلبك في سنة خمس وعشرين [وست مئة] (2) وكتب إليه ولدُ الأمجد يقول: قد نشرتُ باب السِّرِّ، فَسِرْ إلينا وقت السَّحَر. وكان بالصُّبيبة، فساق منها أول الليل، والمسافة بعيدة، فجاءهم وقد طلعت الشمس، ففات الغرض، ونزل مقابل بَعْلَبَك، فبعث الأمجد إلى النَّاصر داود، يقول: قد عرفتَ ما كان بيني وبين المعظم، وكنتُ صديقَ مَنْ صادقه، وعدوَّ من عاداه، وأريد ترحِّل العزيز عني. فأنفذ النَّاصر الغرز خليل إلى العزيز يقول له: ارحل، وقال للغرز: إنْ لم يرحل، فارمِ الخيمة عليه. وعَلِمَ العزيزُ، فرحل إلى بانياس، وما عاد إلى دمشق إلا مع الكامل، فإنه [سار إليه، و] (2) التقاه من القُدْس، وقال: أنا آخذ لك دمشق. فأعطاه مالًا، وأحسنَ إليه، وكان العزيز أحدَ الأسباب الموجبة لأخذ دمشق [من النَّاصر] (2)، وكذا الصَّالح إسماعيل، وأيدمر.
وأما صاحب بَعْلَبَك فعلم بما فعل ولده، ووقف على نَشْر الباب، فقال: إنَّه قتل ولده، وقيل: بنى عليه بُنْيانًا.
وكانت وفاة العزيز يوم الاثنين عاشر رمضان ببُسْتانه بالنَّاعمة ببيت لهيا، وحمل تابوته، فدفن بقاسيون في تُرْبة المعظَّم [عند والدته وأهله] (2).
¬__________
(¬1) كان ذلك سنة (615 هـ)، انظر حوادث هذه السنة في هذا الكتاب.
(¬2) ما بين حاصرتين من (ش).
(¬3) له ترجمة في "التكملة" للمنذري: 3/ 349، و"المذيل على الروضتين": 2/ 27، وفيه تتمة مصادر ترجمته.