كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 22)

الغد دخل على حفصة، فسَقَتْه، فأبى أن يَشربه، وحرّمه عليه؛ فأنزل الله: {يا أيُّها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أزْواجِكَ} (¬١) [٦٦٧٢]. (ز)

٧٧٥٣٨ - عن محمد بن جُبَير بن مُطْعِم، قال: خَرجتْ حفصةُ من بيتها، فبَعث رسولُ الله إلى جاريته، فجاءتْه في بيت حفصة، فدخَلتْ عليه حفصةُ وهي معه في بيتها، فقالت: يا رسول الله، في بيتي، وفي يومي، وعلى فراشي! فقال رسول الله: «اسكُتي، فلكِ اللهُ لا أقربها أبدًا، ولا تَذْكريه». فذهبتْ حفصة، فأَخبَرتْ عائشة؛ فأَنزلَ الله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} فكان ذلك التحريم حلالًا (¬٢). (ز)

٧٧٥٣٩ - عن الضَّحّاك بن مُزاحِم: أنّ حفصة زارتْ أباها ذات يوم، وكان يومها، فجاء النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فلم يجدها في المنزل، فأَرسَل إلى أمَته مارية، فأصاب منها في بيت حفصة، وجاءتْ حفصةُ على تلك الحال، فقالتْ: يا رسول الله، أتفعل هذا في بيتي وفي يومي؟! قال: «فإنها عَلَيَّ حرامٌ، ولا تُخبِري بذلك أحدًا». فانطلَقتْ حفصة إلى عائشة، فأَخبَرتْها بذلك؛ فأَنزلَ الله: {يا أيُّها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله: {وصالِحُ المُؤْمِنِينَ}، فأُمِر أن يُكفّر عن يمينه، ويُراجع أمَته (¬٣).
(١٤/ ٥٧٤)

٧٧٥٤٠ - عن الضَّحّاك بن مُزاحِم، قال: أتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جاريةً له في يوم عائشة، وكانت عائشة وحفصة مُتَحابّتَيْن، فاطَّلَعتْ حفصةُ على ذلك، فقال لها: «لا تُخبري عائشة بما كان مِنِّي، وقد حرّمتُها عَلَيَّ». فأَفشَتْ حفصةُ سِرَّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فأَنزلَ الله: {يا أيها النَّبِيّ لم تحرم} الآيات (¬٤). (١٤/ ٥٧٩)
---------------
[٦٦٧٢] على هذا الأثر فالتي سقت النبي - صلى الله عليه وسلم - عسلًا هي حفصة، وهو ما علَّق عليه ابنُ كثير (١٤/ ٥٢)، بقوله: «والغرض أنّ هذا السياق فيه أنّ حفصة هي الساقية للعسل، وهو من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن خالته، عن عائشة. وفي طريق ابن جُرَيْج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة أنّ زينب بنت جحش هي التي سقت العسل، وأنّ عائشة وحفصة تَواطأتا وتَظاهرتا عليه، فالله أعلم. وقد يقال: إنهما واقعتان، ولا بُعد في ذلك، إلا أنّ كونهما سببًا لنزول هذه الآية فيه نظر». ثم قال: «ومما يدل على أنّ عائشة وحفصة - رضي الله عنهما - هما المُتظاهِرتان الحديث ... ». وساق الأثر الوارد عن ابن عباس في سؤاله لعمر الوارد في نزول الآيات، وأثر عمر الوارد في نزول قوله: {إن تتوبا إلى الله}.
_________
(¬١) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(¬٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات ١٠/ ١٧٨.
(¬٣) أخرجه سعيد بن منصور (١٧٠٧)، وابن جرير ٢٣/ ٨٥ بنحوه من طريق عبيد. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(¬٤) عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.

الصفحة 11