كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)
وَالْفَاء وَاللَّام الخفيفتين أَن عمر رَضِي الله عَنهُ، خطب فَقَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن لبس الْحَرِير إلاّ مَوضِع إِصْبَعَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا. وَكلمَة: أَو، هُنَا للتنويع والتخيير، وَأخرجه ابْن أبي شيبَة من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: إِن الْحَرِير لَا يصلح مِنْهُ إلاَّ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، يَعْنِي: إِصْبَعَيْنِ وَثَلَاثًا وأربعاً. وَقَالَ شَيخنَا: فِي حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ، حجَّة لما قَالَه أَصْحَابنَا من أَنه لَا يرخص فِي التطريز وَالْعلم فِي الثَّوْب إِذا زَاد على أَرْبَعَة أَصَابِع، وَأَنه تجوز الْأَرْبَعَة فَمَا دونهَا، وَمِمَّنْ ذكره من أَصْحَابنَا الْبَغَوِيّ فِي (التَّهْذِيب) وَتَبعهُ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ. انْتهى. وَذكر الزَّاهدِيّ من أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة أَن الْعِمَامَة إِذا كَانَت طرتها قدر أَربع أَصَابِع من إبريسم بأصابع عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ، وَذَلِكَ قيس شبرنا يرخص فِيهِ. والأصابع لَا مَضْمُومَة كل الضَّم وَلَا منشورة كل النشر. وَقيل: أَربع أَصَابِع كَمَا هِيَ على هيئتها، وَقيل: أَربع أَصَابِع منشورة، وَقيل: التَّحَرُّز عَن مِقْدَار المنشورة أولى، وَالْعلم فِي مَوَاضِع. قَالَ بَعضهم: يجمع، وَقيل: لَا يجمع، وَإِذا كَانَ نظره إِلَى الثَّلج يضرّهُ فَلَا بَأْس أَن يشد على عَيْنَيْهِ خماراً أسود من إبر يسم، قَالَ: وَفِي الْعين الرمدة أولى، وَقيل: لَا يجوز، وَعَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ: لَا بَأْس بِالْعلمِ من الْفضة فِي الْعِمَامَة قدر أَربع أَصَابِع، وَيكرهُ من الذَّهَب، وَقيل: لَا يكره، وَالذَّهَب المنسوج فِي الْعلم كَذَلِك، وَعَن مُحَمَّد لَا يجوز، وَفِي: (جَامع مُخْتَصر) الشَّيْخ أبي مُحَمَّد قيل لمَالِك: ملاحف أعلامها حَرِير قدر إِصْبَعَيْنِ، قَالَ: لَا أحبه، وَمَا أرَاهُ حَرَامًا.
5829 - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ حَدثنَا زُهَيْرٌ حَدثنَا عاصِمٌ عَنْ أبي عُثْمانَ قَالَ: كَتَبَ إلَيْنا عُمَرُ وَنَحْنُ بِأذْرَبِيجَانَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهاى عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ إلاّ هاكَذَا، وَصَفَّ لنا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إصْبَعَيْهِ، وَرَفَعَ زُهَيْرٌ الوُسْطَى والسَّبابَةَ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن أَحْمد بن يُونُس وَهُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُوسُف نسب لجده وَهُوَ بذلك أشهر، يروي عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة بن أبي خَيْثَمَة الْجعْفِيّ عَن عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول عَن أبي عُثْمَان عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور.
قَوْله: (كتب إِلَيْنَا عمر) هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَر، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: كتب إِلَيْهِ، أَي: إِلَى عتبَة بن فرقد، وكلتا الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيحَة لِأَنَّهُ كتب إِلَى الْأَمِير لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخَاطب بِهِ وَكتب إِلَيْهِم أَيْضا بالحكم. قَوْله: (وَرفع زُهَيْر السبابَة وَالْوُسْطَى) ، وَزَاد مُسلم فِي رِوَايَته: وضمهما.
5830 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا يَحْياى عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أبِي عُثْمانَ قَالَ: كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا يُلْبَسُ الحَرِيرُ فِي الدُّنْيا إلاَّ لَمْ يُلْبَسْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الآخِرَةِ.
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان عَن سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ ... إِلَى آخِره.
قَوْله: (لَا يلبس) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَكَذَلِكَ قَوْله: (لم يلبس) وَهَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وللنسفي فِي الْأَخِيرَة: مِنْهُ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني على صِيغَة بِنَاء الْفَاعِل فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَالتَّقْدِير: لَا يلبس الرجل الْحَرِير، ويروى: لَا يلبس أحد الْحَرِير فِي الدُّنْيَا إلاَّ لم يلبس مِنْهُ شَيْئا فِي الْآخِرَة، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: لَا يلبس الْحَرِير إلاَّ من لَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْء فِي الْآخِرَة، وَقَالَ بَعضهم: وَأوردهُ الْكرْمَانِي بِلَفْظ: إلاَّ من لم يلبس، قَالَ: وَفِي الْأُخْرَى: إلاَّ من لَيْسَ يلبس مِنْهُ. قلت: لفظ الْكرْمَانِي هَكَذَا. قَوْله: إلاّ من لم يلبس، وَفِي بَعْضهَا: إلاَّ لَيْسَ يلبس.
حدَّثنا الحَسَنُ بنُ عُمَر حَدثنَا مُعْتَمِرٌ حَدثنَا أبي حَدثنَا أبُو عُثْمانَ، وأشارَ أبُو عُثْمانَ بِإِصْبَعَيْهِ: المُسَبِّحَةِ والوُسْطَى.
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن الْحسن بن عمر بن شَقِيق الْجرْمِي بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء أبي عُثْمَان الْبَلْخِي، هَكَذَا نَص
الصفحة 10
320