كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)
مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (وَعِنْده الْأَقْرَع) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (جَالِسا) حَال من الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي، وَهُوَ من الْمُؤَلّفَة، وَحسن إِسْلَامه. قَوْله: (من لَا يرحم لَا يرحم) بِالرَّفْع والجزم فيهمَا قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: الرّفْع على الْخَبَر والجزم على أَن: من شَرْطِيَّة. وَقَالَ السُّهيْلي: جعله على الْخَبَر أشبه لسياق الْكَلَام لِأَنَّهُ سيق للرَّدّ على من قَالَ: إِن لي عشرَة من الْوَلَد ... إِلَى آخِره، أَي: الَّذِي يفعل هَذَا الْفِعْل لَا يرحم، وَلَو كَانَت شَرْطِيَّة لَكَانَ فِي الْكَلَام بعض انْقِطَاع لِأَن الشَّرْط وَجَوَابه كَلَام مُسْتَأْنف. وَقيل: يجوز الرّفْع فِي الجزءين والجزم فيهمَا، وَالرَّفْع فِي الأول والجزم فِي الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ، فَيحصل أَرْبَعَة أوجه.
5998 - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حَدثنَا سُفْيانُ عَنْ هِشامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: جاءَ أعْرَابِيٌّ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيانَ فَما نُقَبِّلُهُمْ؟ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوَ أمْلِكُ لَكَ أنْ نَزَعَ الله مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ؟ .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُحَمّد بن يُوسُف هُوَ الْفرْيَابِيّ، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (عَن هِشَام عَن عُرْوَة) وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه. قَوْله: (جَاءَ أَعْرَابِي) قيل: يحْتَمل أَن يكون الْأَقْرَع بن حَابِس، وَيحْتَمل أَن يكون قيس بن عَاصِم التَّمِيمِي ثمَّ السَّعْدِيّ. قلت: وَيحْتَمل أَن يكون عُيَيْنَة بن حصن بن حُذَيْفَة الْفَزارِيّ، لِأَنَّهُ وَقع لَهُ مثل ذَلِك قَوْله: (تقبلون) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِدُونِ حرف الإستهام، وَثبتت فِي رِوَايَة الْكشميهني. قَوْله: (فَمَا نقبلهم) وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: فوَاللَّه مَا نقبلهم، وَفِي رِوَايَة مُسلم: لَكِن وَالله لَا نقبل. قَوْله: (أَو ملك لَك أَن نزع الله؟) الْهمزَة للاستفهام الإنكاري، وَالْوَاو للْعَطْف على مُقَدّر بعد الْهمزَة نَحْو: تَقول. وَقَوله: (أَن نزع) بِفَتْح الْهمزَة مفعول: أملك، أَي: لَا أملك النزع، وَحَاصِل الْمَعْنى: لَا أقدر أَن أجعَل الرَّحْمَة فِي قَلْبك بعد أَن نَزعهَا الله مِنْهُ، وَقيل: كلمة: أَن مَكْسُورَة على أَنَّهَا شَرط وَجَزَاء مَحْذُوف.
28 - (حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم حَدثنَا أَبُو غَسَّان قَالَ حَدثنِي زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سبي فَإِذا امْرَأَة من السَّبي قد تحلب ثديها تَسْقِي إِذا وجدت صَبيا فِي السَّبي أَخَذته فَأَلْصَقته بِبَطْنِهَا وأرضعته فَقَالَ لنا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَرَوْنَ هَذِه طارحة وَلَدهَا فِي النَّار قُلْنَا لَا وَهِي تقدر على أَن لَا تطرحه فَقَالَ الله أرْحم بعباده من هَذِه بِوَلَدِهَا) مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث وَابْن أبي مَرْيَم هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم وَأَبُو غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف وَزيد بن أسلم يروي عَن أَبِيه أسلم الحبشي البجاوي مولى عمر بن الْخطاب والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن حسن الْحلْوانِي وَمُحَمّد بن سهل كِلَاهُمَا عَن ابْن أبي مَرْيَم قَوْله قدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سبي أَي أسر من الغلمان والجواري وسبيته سبيا إِذا حَملته من بلد إِلَى بلد وَقَوله قدم على صِيغَة الْمَعْلُوم فعل مَاض وَسبي بِالرَّفْع فَاعله وَفِي رِوَايَة الْكشميهني قدم بسبي على صِيغَة الْمَجْهُول وبالباء الْمُوَحدَة فِي سبي وَكَانَ هَذَا من سبي هوَازن قَوْله " تحلب " على وزن تفعل بِالتَّشْدِيدِ على صِيغَة الْمَعْلُوم قَوْله ثديها بِالرَّفْع فَاعله وَمَعْنَاهُ تهَيَّأ لِأَن تحلب وثديها بِالْإِفْرَادِ فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ ثدياها بالتثنية قَوْله تَسْقِي من السَّقْي بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْقَاف وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي تحلب بِضَم اللَّام مضارع حلب وثديها بِالنّصب وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بسقي بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالتنوين وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ تسْعَى بِالْعينِ الْمُهْملَة من السَّعْي وَهُوَ الْمَشْي بِسُرْعَة وَفِي رِوَايَة مُسلم تبتغي من الابتغاء وَهُوَ الطّلب قَالَ عِيَاض وَهُوَ وهم وَقَالَ النَّوَوِيّ كل مِنْهُمَا صَوَاب لِأَنَّهَا
الصفحة 100
320