كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)
وحفظاً لعهدها، وَقد أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق صَالح بن رستم عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: جَاءَت عَجُوز إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: كَيفَ أَنْتُم؟ كَيفَ حالكم؟ كَيفَ كُنْتُم بَعدنَا؟ قَالَت: بِخَير بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله، فَلَمَّا خرجت قلت: يَا رَسُول الله {تقبل على هَذِه الْعَجُوز هَذَا الإقبال؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَة} إِنَّهَا كَانَت تَأْتِينَا زمَان خَدِيجَة، وَأَن حسن الْعَهْد من الْإِيمَان.
وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة.
والْحَدِيث مضى فِي المناقب فِي: بَاب تزيج خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا.
قَوْله: (مَا غرت) كلمة: مَا فِيهِ نَافِيَة، وَفِي: ماغرت ثَانِيًا مَوْصُولَة أَي: الَّذِي غرت على خَدِيجَة. قَوْله: (لما كنت) يتَعَلَّق بِهِ أَي: لأجل مَا كنت أسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يذكرهَا أَي خَدِيجَة. قَوْله: (من قصب) أَي: قصب الدّرّ، وإصطلاح الجوهريين أَن يَقُولُوا: قصب من اللُّؤْلُؤ كَذَا وقصب من الْجَوْهَر كَذَا وَمن الدّرّ كَذَا للخيط مِنْهُ، وَقيل: كَانَ الْبَيْت من الْقصب تفاؤلاً بقصب سبقها إِلَى الْإِسْلَام. قَوْله: (وَإِن كَانَ) كلمة: إِن هَذِه مُخَفّفَة من المثقلة وَأَصله: وَإنَّهُ كَانَ ليذبح الشَّاة، اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد. قَوْله: (فِي خلتها) أَي: فِي أهل بَيتهَا، يَعْنِي أخلاءها وأحبابها. وَقَالَ الْخطابِيّ: الْخلَّة هَهُنَا بِمَعْنى الأخلاء مَوضِع الْمصدر وضع الإسم، وَأَرَادَ بالقصب قصب اللُّؤْلُؤ وَهُوَ المجوف مِنْهُ، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: ثمَّ يهديها إِلَى خلائلها، وَتقدم فِي المناقب: إِلَى أصدقائها.
24 - (بابُ فَضْل مَنْ يَعُولُ يَتِيماً)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل من يعول يَتِيما أَي: يربيه وَينْفق عَلَيْهِ وَيقوم بمصلحته.
6005 - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الوهَّابِ قَالَ: حَدثنِي عَبْدُ العَزِيزِ بنُ أبي حازِم قَالَ: حَدثنِي أبِي قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بنَ سَعْدٍ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: أَنا وكافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هاكَذا، وَقَالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى. (انْظُر الحَدِيث 5304) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث. وَعبد الْعَزِيز يروي عَن أَبِيه أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ.
والْحَدِيث مر فِي الطَّلَاق عَن عَمْرو بن زُرَارَة. وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ.
قَوْله: (وكافل الْيَتِيم) ، أَي: الْقَائِم بمصالحة الْمُتَوَلِي لأموره. قَوْله: (وَقَالَ) أَي: أَشَارَ. قَوْله: (السبابَة) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: السباحة، بِالْحَاء الْمُهْملَة مَوضِع الْبَاء الثَّانِيَة وَهِي الإصبع الَّتِي تلِي الْإِبْهَام، سميت بذلك لِأَنَّهَا يسبح بهَا فِي الصَّلَاة ويشار بهَا فِي التَّشَهُّد، وَسميت السبابَة أَيْضا لِأَنَّهُ يسب بهَا الشَّيْطَان حينئذٍ، قيل: دَرَجَات الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام، أَعلَى دَرَجَات الْخَلَائق لَا سِيمَا دَرَجَة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأجِيب: بِأَن الْغَرَض مِنْهُ الْمُبَالغَة فِي رفع دَرَجَته فِي الْجنَّة.
25 - (بابُ السَّاعِي عَلَى الأرْمَلَةُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل السَّاعِي على الأرملة فِي مصالحها، والأرملة من لَا زوج لَهَا.
6006 - حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ عَبْدِ الله قَالَ: حدّثني مالِكٌ عَنْ صَفْوانَ بنِ سُلَيْمٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: السَّاعي عَلَى الأرْمَلَةِ والمِسْكِينِ كالمُجاهِدِ فِي سَبِيلِ الله أوْ كَالَّذي يَصُومُ النَّهارَ ويَقُومُ اللَّيْلَ. (انْظُر الحَدِيث 5353 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْمَاعِيل بن عبد الله هُوَ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس ابْن أُخْت مَالك بن أنس، وَصَفوَان بن سليم مولى حميد بن عبد الرَّحْمَن الْمدنِي الإِمَام الْقدْوَة مِمَّن يستسقى بِذكرِهِ، يُقَال: إِنَّه لم يضع جنبه على الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة، وَكَانَ لَا يقبل جوائز السلاطين، وَقد مر فِي الْجُمُعَة.
وَهَذَا حَدِيث مُرْسل لِأَنَّهُ تَابِعِيّ، لَكِن لما قَالَ: (يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) صَار مُسْندًا مَجْهُولا وَلم يذكر إسم شَيْخه، إِمَّا للنسيان أَو لغَرَض آخر، وَلَا قدح بِسَبَبِهِ. قَوْله: (أَو كَالَّذي يَصُوم) شكّ من الرَّاوِي، وَفِي كتاب الْكرْمَانِي: وكالذي يَصُوم، بواو والعطف، ثمَّ قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون لفاً ونشراً، وَأَن يكون كل وَاحِد ككليهما، وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَو كَالَّذي بِأَو الفاصلة لَا الْوَاصِلَة الَّتِي هِيَ الْوَاو.
حدّثنا إسْماعيلُ قَالَ: حَدثنِي مالِكٌ عَنْ ثَوْر بنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ أبي الغَيْثِ مَوْلَى ابْن
الصفحة 104
320