كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)

الظّهْر رَكْعَتَيْنِ وَسلم، فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ: أقصرت الصَّلَاة أم نسيت يَا رَسُول الله؟ مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ؟ وَقد مر فِي أَوَائِل كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب تشبيك الْأَصَابِع فِي الْمَسْجِد، وَلَكِن لَفظه: أكما يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ؟ وَهُوَ المطابق للتَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة.
وَمَا لاَ يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ
أَي: وَفِي جَوَاز مَا لَا يُرَاد بِهِ شين الرجل أَي: غيبه، وَهُوَ مَذْهَب جمَاعَة، وَرَأى قوم من السّلف أَن وصف الرجل بِمَا فِيهِ من الصّفة غيبَة لَهُ. قَالَ شُعْبَة: سَمِعت مُعَاوِيَة بن قُرَّة يَقُول: لَو مر بك أقطع فَقلت: ذَاك الأقطع، كَانَت مِنْك غيبَة، وَلَكِن مَذْهَب الآخرين أَنه إِذا كَانَ على وَجه التَّعْرِيف بِهِ فَلَا بَأْس بِهِ كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَهُوَ ظَاهر إِيرَاد البُخَارِيّ، بقوله: وَمَا لَا يُرَاد بِهِ شين الرجل وَأما إِذا كَانَ يُرَاد بالتلقيب عَيبه فَلَا يجوز لِأَن فِيهِ تنقيصاً.

46 - (بابُ الغِيبَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَحْرِيم الْغَيْبَة بِكَسْر الْغَيْن وَهِي أَن يتَكَلَّم خلف إِنْسَان بِمَا يغمه لَو سَمعه وَكَانَ صدقا، أما إِذا كَانَ كذبا فيسمى بهتاناً، وَفِي حكمه الْكِتَابَة وَالْإِشَارَة وَنَحْوهمَا.
وَقَوْلِ الله تَعَالَى: { (94) وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا فكرهتموه وَاتَّقوا الله إِن الله تواب رَحِيم} (الحجرات: 12) [/ ح.
وَقَول الله، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: الْغَيْبَة، وَفِي بعض النّسخ ذكر بعده: {أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه} الْآيَة. وَاكْتفى البُخَارِيّ بِذكر الْآيَة المصرحة بِالنَّهْي عَن الْغَيْبَة وَلم يذكر حكمهَا فِي التَّرْجَمَة، كَمَا ذكر فِي النميمة حكما، حَيْثُ قَالَ: بَاب النميمة من الْكَبَائِر، كَمَا يَأْتِي عَن قريب.

6052 - حدَّثنا يَحْياى حَدثنَا وَكِيعٌ عَنِ الأعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ مُجاهِداً يُحَدِّث عَنْ طاوُوسٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَالَ: إنَّهُمَا لَيُعَذَّبانِ وَمَا يُعَذَّبانِ فِي كَبِيرٍ! أمَّا هَذَا فَكان لَا يسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وأمَّا هاذا فَكانَ يَمشِي بِالنَّمِيمَةِ، ثُمَّ دَعا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ بِإثْنَيْنِ، فَغَرَسَ عَلَى هاذا وَاحِدًا وعَلَى هاذا واحِداً، ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُما مَا لع ييبَسا.

الصفحة 127