كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)
الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء، وَهُوَ بريد بن عبد الله بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَضَبطه الْحَافِظ الْمزي فِي (تهذيبه) بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف، وَقَالَ: إِنَّه يزِيد بن أبي زِيَاد الْقرشِي، وَذكر أَن البُخَارِيّ روى لَهُ مُعَلّقا، وروى لَهُ فِي رفع الْيَدَيْنِ وَالْأَدب، وروى لَهُ مُسلم مَقْرُونا بِغَيْرِهِ، وَأَن أَحْمد وَابْن معِين ضعفَاهُ، وَأَن الْعجلِيّ قَالَ: هُوَ جَائِز الحَدِيث، وَأَنه كَانَ بِآخِرهِ يلقن وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن رُومَان بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو وبالميم وَالنُّون مولى آل الزبير بن الْعَوام، وَنسب بَعضهم الْوَهم إِلَى الدمياطي فِي ضَبطه: بريد، بِالْبَاء الْمُوَحدَة ورد على الْكرْمَانِي فِي ضَبطه جرير بن حَازِم وَفِي ضبط شَيْخه بِأَنَّهُ يزِيد بن رُومَان، وَادّعى أَن جَرِيرًا هُوَ ابْن عبد الحميد وَأَن شَيْخه هُوَ يزِيد بن أبي زِيَاد، وَاعْتمد فِيمَا قَالَه على حَدِيث وَصله إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي: (غَرِيب الحَدِيث) لَهُ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير بن عبد الحميد عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن الْحسن بن سهل، قَالَ: القسية ثِيَاب مضلعة الحَدِيث. قلت: كل من الحافظين الْمَذْكُورين صَاحب ضبط واتقان فَلَا يظنّ فيهمَا إلاَّ أَنَّهُمَا حررا هَذَا الْموضع كَمَا يَنْبَغِي، وَأما الْكرْمَانِي فَإِنَّهُ أَيْضا لم يقل مَا ذكره من عِنْد رَأْيه، وَلم يكن إلاَّ وقف على نُسْخَة مُعْتَمدَة أَو على كتاب من هَذَا الْفَنّ، وَمَعَ هَذَا الِاحْتِمَال باقٍ فِي الْكل، وَالله أعلم.
قَوْله: (والميثرة جُلُود السبَاع) ، هَذَا لَا يُوجد إلاَّ فِي بعض نسخ البُخَارِيّ، وَقَالَ النَّوَوِيّ: تَفْسِير الميثرة بالجلود قَول بَاطِل مُخَالف للمشهور الَّذِي أطبق عَلَيْهِ أهل الحَدِيث، وَقَالَ الْكرْمَانِي: جُلُود السبَاع لم تكن منهية، وَأجَاب بقوله: إِمَّا أَن يكون فِيهَا الْحَرِير وَإِمَّا أَن يكون من جِهَة إِسْرَاف فهيا، وَإِمَّا لِأَنَّهَا من زِيّ المترفين وَكَانَ كفار الْعَجم يستعملونها. قَوْله: (قَالَ أَبُو عبد الله) ، هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله: (عَاصِم أَكثر) أَي: رِوَايَة عَاصِم بن كليف الْمَذْكُور أَكثر طرقاً وَأَصَح من رِوَايَة يزِيد الْمَذْكُور، وَهَذَا أَعنِي قَوْله: وَقَالَ أَبُو عبد الله ... إِلَى آخِره، لم يَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر وَلَا فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ.
5838 - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلِ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا سُفْيانُ عَنْ أشْعَثَ بنِ أبي الشَّعْثاءِ حَدثنَا مُعاوِيَةُ بنُ سُوَيْدِ بنِ مُقَرِّنٍ عَنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ قَالَ: نَهانا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنِ المياثِرِ الحُمْر والقَسِّيِّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَعَن القسي) وَمُحَمّد بن مقَاتل الْمروزِي، وَعبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
والْحَدِيث طرف من حَدِيث أَوله: أمرنَا بِسبع ونهانا عَن سبع ... وَسَيَأْتِي تَمَامه بعد أَبْوَاب.
قَوْله: (نَهَانَا) فِي رِوَايَة الْكشميهني: نهى. قَوْله: (عَن المياثر الْحمر) بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم، ذكره لبَيَان مَا كَانَ هُوَ الْوَاقِع، وَقَالَ أَبُو عبيد: المياثر الْحمر الْمنْهِي عَنْهَا كَانَت من مراكب الْأَعَاجِم من ديباج أَو حَرِير، وَقَالَ ابْن بطال: كَلَامه يدل على أَنَّهَا إِذا لم تكن من حَرِير أَو ديباج وَكَانَت من صوف أَحْمَر فَإِنَّهُ يجوز الرّكُوب عَلَيْهَا، وَلَيْسَ النَّهْي عَنْهَا كالنهي عَنْهَا إِذا كَانَت مِنْهُمَا، وَقَالَ ابْن وهب: سُئِلَ مَالك عَن ميثرة أرجوان يركب عَلَيْهَا؟ قَالَ: مَا أعلم حَرَامًا ثمَّ قَرَأَ: { (7) قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ} (الْأَعْرَاف: 32) والأرجوان صبغ أَحْمَر، وَقَالَ الْخطابِيّ: وَذكر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أركب الأرجوان، وَقَالَ: الأرجوان الْأَحْمَر، وَأرَاهُ أَرَادَ بِهِ المياثر الْحمر، وَقد تتَّخذ من ديباج وحرير، وَقد ورد فِيهَا النَّهْي لما فِي ذَلِك من السَّفه وَلَيْسَت من لِبَاس الرِّجَال، وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث قَتَادَة عَن الْحسن عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا أركب الأرجواز وَلَا ألبس المعصفر وَلَا ألبس الْقَمِيص المكفف بالحرير، وروى أَبُو يعلى الْموصِلِي فِي: (مُسْنده) من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن خَوَاتِيم الذَّهَب والقسية والميثرة الْحَمْرَاء المصبغة من العصفر.
29 - (بابُ مَا يُرَخَّصُ لِلرِّجالِ مِنَ الحَرِيرِ لِلْحِكةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ بَيَان مَا يرخص للرِّجَال من لبس الْحَرِير لأجل الحكة، أَي: الجرب.
5839 - حدَّثني مُحَمَّدٌ أخبرنَا وَكِيعٌ أخبرنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتادَةَ عَنْ أنَسٍ قَالَ: رخَصَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمانِ فِي لُبْسِ الحَرِيرِ لِحِكَّةٍ بِهِما.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُحَمّد هُوَ ابْن سَلام، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة عَليّ بن السكن، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: مُحَمَّد مُجَردا عَن
الصفحة 16
320