كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)

نِسْبَة.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد عَن مُسَدّد. وَأخرجه مُسلم فِي اللبَاس عَن أبي بكر عَن وَكِيع وَعَن غَيره.
قَوْله: (للزبير) وَهُوَ الزبير بن الْعَوام (وَعبد الرَّحْمَن) هُوَ ابْن عَوْف. قَوْله: (لحكة بهما) أَي: لأجل حكة حصلت بهما أَي: بأبدانهما، وَوَقع فِي (الْوَسِيط) للغزالي: أَن الَّذِي رخص لَهُ فِي لبس الْحَرِير هُوَ حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَهُوَ غلط، وَعَن الشَّافِعِي فِي وَجه: أَن الرُّخْصَة خَاصَّة بالزبير وَعبد الرَّحْمَن، وَفِي (التَّوْضِيح) : وَمن الْغَرِيب حِكَايَة صَاحب (التَّنْبِيه) وَجها أَنه لَا يجوز لبسه للْحَاجة الْمَذْكُورَة، وَلم يحكه الرَّافِعِيّ وَصَاحب (الْبَيَان) إلاَّ عَنهُ، وَقد تعلل على بعده باختصاص الرُّخْصَة للمذكورين، وَفرق بعض أَصْحَابنَا فجوزه فِي السّفر دون الْحَضَر لرِوَايَة مُسلم: أَن ذَلِك كَانَ فِي السّفر، وَهَذَا الْوَجْه خصّه فِي (الرَّوْضَة) بالقمل وَلَيْسَ كَذَلِك، فقد نَقله الرَّافِعِيّ فِي الحكة، وَالأَصَح جَوَازه سفرا وحضراً، وَأبْعد من قَالَ باختصاصه بِالسَّفرِ، وَإِن اخْتَارَهُ ابْن الصّلاح لظَاهِر الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أرخص لَهما لما شكيا الْقمل فِي غزَاة لَهما، وَالله أعلم.

30 - (بابُ الحَرِيرِ لِلنِّساءِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان اسْتِعْمَال الْحَرِير فِي اللّبْس للنِّسَاء.

58 - (حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب حَدثنَا شُعْبَة ح وحَدثني مُحَمَّد بن بشار حَدثنَا غنْدر حَدثنَا شُعْبَة عَن عبد الْملك بن ميسرَة عَن زيد بن وهب عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ كساني النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حلَّة سيراء فَخرجت فِيهَا فَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجهه فشققتها بَين نسَائِي) مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله فَرَأَيْت الْغَضَب إِلَى آخِره وَأخرجه من طَرِيقين (الأول) عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن شُعْبَة عَن عبد الْملك بن ميسرَة إِلَى آخِره (وَالثَّانِي) عَن مُحَمَّد بن بشار عَن غنْدر وَهُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة عَن عبد الْملك بن ميسرَة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ثمَّ سين مُهْملَة الْهِلَالِي أبي زيد الزراد بزاي وَرَاء مُشَدّدَة وَزيد بن وهب الْجُهَنِيّ الثِّقَة الْمَشْهُور من كبار التَّابِعين وَمَا لَهُ فِي البُخَارِيّ عَن عَليّ سوى هَذَا الحَدِيث والْحَدِيث مضى فِي الْهِبَة فِي بَاب مَا يكره لبسه فَإِنَّهُ أخرجه عَن حجاج بن منهال عَن شُعْبَة قَالَ أَخْبرنِي عبد الْملك بن ميسرَة قَالَ سَمِعت زيد بن وهب عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِلَى آخِره وَمضى أَيْضا فِي النَّفَقَات فِي بَاب كسْوَة الْمَرْأَة بِالْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ أخرجه فِيهِ أَيْضا عَن حجاج عَن شُعْبَة إِلَى آخِره قَوْله عَن زيد بن وهب كَذَا لأكْثر الروَاة وَوَقع فِي رِوَايَة عَليّ بن السكن وَحده عَن النزال بن سُبْرَة بدل زيد بن وهب قَالُوا إِنَّه وهم كَأَنَّهُ انْتقل من حَدِيث إِلَى حَدِيث لِأَن رِوَايَة عبد الْملك بن ميسرَة عَن النزال بن سُبْرَة عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِنَّمَا هِيَ فِي الشّرْب قَائِما وَقد تقدم فِي الْأَشْرِبَة قَوْله حلَّة سيراء قد مر غير مرّة أَن الْحلَّة إِزَار ورداء وَقَالَ ابْن الْأَثِير الْحلَّة ثَوْبَان إِذا كَانَا من جنس وَاحِد والسيراء بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالرَّاء مَعَ الْمَدّ قَالَ الْخَلِيل لَيْسَ فِي الْكَلَام فعلاء بِكَسْر أَوله سوى سيراء وحولاء وَهُوَ المَاء الَّذِي يخرج على رَأس الْوَلَد والعنباء لُغَة فِي الْعِنَب وَقَالَ مَالك هُوَ الوشي من الْحَرِير والوشي بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف وَقَالَ الْأَصْمَعِي ثِيَاب فِيهَا خطوط من حَرِير أَو قَز وَإِنَّمَا قيل لَهَا سيراء لتسيير الخطوط فِيهَا وَقَالَ الْخَلِيل ثوب مضلع بالحرير وَقيل مُخْتَلف الألوان فِيهِ خطوط ممتدة كَأَنَّهَا السيور وَقَالَ الْجَوْهَرِي برد فِيهِ خطوط صفر وَاخْتلف فِي حلَّة سيراء هَل هُوَ بِالْإِضَافَة أم لَا فَوَقع عِنْد الْأَكْثَرين تَنْوِين حلَّة على أَن السيراء عطف بَيَان أَو صفة وَجزم الْقُرْطُبِيّ بِأَنَّهُ الرِّوَايَة وَقَالَ الْخطابِيّ قَالُوا حلَّة سيراء كَمَا قَالُوا نَاقَة عشراء وَنقل عِيَاض عَن أبي مَرْوَان بن سراج أَنه بِالْإِضَافَة قَالَ عِيَاض وَكَذَا ضبطناه عَن متقني شُيُوخنَا وَقَالَ النَّوَوِيّ أَنه قَول الْمُحَقِّقين ومتقني الْعَرَبيَّة وَأَنه من إِضَافَة الشَّيْء إِلَى صفته كَمَا قَالُوا ثوب خَز قَوْله فَخرجت فِيهَا وَفِي رِوَايَة أبي صَالح عَن عَليّ فلبستها قَوْله " فَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجهه " أَي فِي وَجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَزَاد مُسلم فِي رِوَايَة أبي صَالح فَقَالَ إِنِّي لم أبعثها إِلَيْك لتلبسها وَإِنَّمَا بعثت بهَا إِلَيْك لتشققها خمرًا بَين النِّسَاء وَفِي أُخْرَى شققتها خمرًا بَين الفواطم وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة المُرَاد بالفواطم فَاطِمَة بنت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفَاطِمَة بنت

الصفحة 17