كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)

وَفِي بعض النّسخ: قَالَ أَبُو عبد الله، وَزَادَنِي أَحْمد، وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، وَأحمد هُوَ ابْن مُحَمَّد بن حَنْبَل الإِمَام، قَالَه الْحَافِظ الْمزي، وَكَذَا قَالَه الْكرْمَانِي وَقَالَ بَعضهم: هَذِه الزِّيَادَة مَوْصُولَة. قلت: ظَاهره التَّعْلِيق وَالْمرَاد بِالْأَنْصَارِيِّ هُوَ مُحَمَّد ابْن عبد الله. قَوْله: (فَلَمَّا كَانَ عُثْمَان) يَعْنِي فِي الْخلَافَة. قَوْله: (جلس على بِئْر أريس) وَكَانَ ذَلِك فِي السّنة السَّابِعَة من خِلَافَته وَكَانَ الْخَاتم فِي يَده سِتّ سِنِين. قَوْله: (فَجعل يعبث بِهِ) قَالَ الْكرْمَانِي: يَعْنِي يحركه ويدخله ويخرجه، وَذَلِكَ صورته صُورَة الْعَبَث وإلاَّ فالشخص إِنَّمَا يعْمل ذَلِك عِنْد تفكره فِي الْأُمُور. قَوْله: (فَسقط) أَي: فِي الْبِئْر. قَوْله: (فاختلفنا ثَلَاثَة أَيَّام) أَي: فِي الصُّدُور والورود والمجيء والذهاب والتفتيش. قَوْله: (فننزح الْبِئْر) من نزحت الْبِئْر إِذا استفيت كلهَا، ويروى: يُنزح، بِدُونِ الْفَاء، ويروى: فنزح، بِالْفِعْلِ الْمَاضِي أَي: نزح عُثْمَان الْبِئْر أَي: بنزحها. قَوْله: (فَلم نجده) بنُون الْمُتَكَلّم، ويروى: فَلم يجده، بِالْيَاءِ عَلامَة الْمُضَارع للْوَاحِد أَي: لم يجده عُثْمَان، قيل: كَانَ فِي خَاتمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سر مِمَّا كَانَ فِي خَاتم سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، لِأَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، لما فقد خَاتمه ذهب ملكه وَعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ، لما فقد خَاتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتقض عَلَيْهِ الْأَمر وَخرج عَلَيْهِ الخارجون، وَكَانَ ذَلِك مبدأ الْفِتْنَة الَّتِي أفضت إِلَى قَتله واتصلت إِلَى آخر الزَّمَان.

56 - (بابُ الخاتَمِ لِلنِّساءِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْخَاتم للنِّسَاء. وَقَالَ ابْن بطال: الْخَاتم للنِّسَاء من جملَة الْحلِيّ الَّذِي أُبِيح لَهُنَّ.
وَكَانَ عَلى عائِشَةَ خَواتِيمُ ذَهَبٍ
هَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن سعد من طَرِيق عَمْرو بن أبي عَمْرو مولى الْمطلب، قَالَ: سَأَلت الْقَاسِم بن مُحَمَّد، فَقَالَ: لقد رَأَيْت وَالله عَائِشَة تلبس المعصفر وتلبس خَوَاتِيم الذَّهَب.

5880 - حدَّثنا أبُو عاصِمٍ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ أخبرنَا الحَسَنُ بنُ مُسْلِمٍ عَنْ طاوُوس عَنِ ابْن عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله وزادَ ابنُ وَهْبٍ عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ: فأتَى النِّساءَ فأمَرَهُنَّ بالصَّدَقَةِ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الفَتَخَ والخَواتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَالْخَوَاتِيم) . وَأَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد النَّبِيل، وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَالْحسن بن مُسلم بن يناق الْمَكِّيّ.
والْحَدِيث إِلَى قَوْله: (وَزَاد ابْن وهب) مضى فِي صَلَاة الْعِيد فِي: بَاب الْخطْبَة بعد الْعِيد، وَلَفظه: شهِدت الْعِيد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان، فكلهم كَانُوا يصلونَ قبل الْخطْبَة.
قَوْله: (فصلى قبل الْخطْبَة) وَسقط لفظ: فصلى، فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي وَهِي مُرَادة ثَابِتَة، وَإِنَّمَا قَالَ: قبل الْخطْبَة، لبَيَان أَن الصَّلَاة قبل الْخطْبَة لَا بعْدهَا، تَقْدِيره: شهِدت صَلَاة الْعِيد حَال كَونهَا قبل الْخطْبَة. قَوْله: (وَزَاد ابْن وهب) أَي: عبد الله بن وهب، يَعْنِي: زَاد ابْن وهب عَن ابْن جريج بِهَذَا السَّنَد، وَقد تقدم بِالزِّيَادَةِ مَوْصُولا فِي تَفْسِير سُورَة الممتحنة من رِوَايَة هَارُون بن مَعْرُوف عَن ابْن وهب. قَوْله: (الفتخ) بِفَتْح الْفَاء وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبالخاء الْمُعْجَمَة جمع الفتخة بِالتَّحْرِيكِ، وَهِي الْحلقَة من الْفضة لَا فص فِيهَا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي أَبْوَاب الْعِيدَيْنِ مُسْتَوفى.

57 - (بابُ القَلائدِ والسِّخابِ لِلنِّساءِ يَعْني قِلادَةً مِنْ طِيبٍ وسُكٍّ)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر القلائد والسخاب الكائنة للنِّسَاء، والقلائد جمع قلادة، والسخاب بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وبالخاء الْمُعْجَمَة وَبعد الْألف مُوَحدَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: السخاب ينظم فِيهِ خرز وتلبسه الصّبيان والجواري، وَقيل: هُوَ قلادة تتَّخذ من قرنفل وَطيب وسك وَنَحْوه وَلَيْسَ فِيهَا من اللُّؤْلُؤ والجواهر شَيْء. قَوْله: يَعْنِي قلادة من طيب وسك، أَرَادَ بِهَذَا تَفْسِير السخاب يَعْنِي السخاب قلادة من طيب يَعْنِي تتَّخذ من طيب وسك بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْكَاف وَهُوَ طيب مَعْرُوف يُضَاف إِلَى غَيره من الطّيب وَيسْتَعْمل، وَفِي (التَّوْضِيح) : السك من طيب عَرَبِيّ فَيكون قَوْله على هَذَا: من طيب وسك، وَاحِدًا. قلت: على قَوْله هَذَا يلْزم عطف الشَّيْء على نَفسه إلاَّ إِذا قيل اخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ جوز ذَلِك، وَالَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ الصَّحِيح، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ومسك، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون السِّين وَتَخْفِيف الْكَاف.

الصفحة 39