كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)

يَوْمَ القِيامَةِ، يُقالُ لَهُمْ: أحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ. (انْظُر الحَدِيث 5951 طرفه فِي: 7558) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ. والْحَدِيث أخرجه مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره.
قَوْله: (أحيوا مَا خلقْتُمْ) أَي: اجعلوه حَيَوَانا ذَا روح، وَهَذَا الْأَمر يُسمى أَمر تعجيز وَمعنى: خلقْتُمْ، قدرتم وصورتم.

90 - (بابُ نَقْضِ الصُّوَرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان نقض الصُّور، والنقض بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْقَاف وبالضاد الْمُعْجَمَة من نقض الشَّيْء وَهُوَ تَغْيِير هَيئته بِكَسْر وَنَحْوه.

5952 - حدَّثنا مُعاذُ بنُ فَضالَةَ حدّثنا هِشامٌ عَنْ يَحْياى عَنْ عِمْرَانَ بنِ حطَّانَ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا حدَّثَتْهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئاً فِيهِ تَصالِيبُ إلاَّ نَقَضَهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. ومعاذ بِضَم الْمِيم وبالعين الْمُهْملَة والذال الْمُعْجَمَة ابْن فضَالة بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الضَّاد الْمُعْجَمَة وَهِشَام هُوَ ابْن أبي عبد الله الدستوَائي، وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير، وَعمْرَان بن حطَّان بِكَسْر الْمُهْملَة الأولى وَشدَّة الثَّانِيَة وبالنون السدُوسِي.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي اللبَاس عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود الجحدري.
قَوْله: (يتْرك) بِالرَّفْع وبالجزم بَدَلا مِمَّا قبله. قَوْله: (فِيهِ تصاليب) قَالَ الْكرْمَانِي: أَي التصاوير كالصليب، يُقَال: ثوب مصلب أَي: عَلَيْهِ نقش كالصليب الَّذِي لِلنَّصَارَى، وَقَالَ بَعضهم: التصاليب جمع صَلِيب كَأَنَّهُمْ سموا مَا كَانَت فِيهِ صُورَة الصَّلِيب تصليباً تَسْمِيَة بِالْمَصْدَرِ. قلت: على مَا ذكره يكون التصاليب جمع تصليب لَا جمع صَلِيب، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: تصاوير بدل تصاليب. قَوْله: (نقضه) أَي: كَسره وأبطله وَغير صورته، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة أبان: الْأَقْضِيَة بِالْقَافِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة المفتوحات، ورجحها بعض شرَّاح (المصابيح) ورده الطَّيِّبِيّ وَقَالَ: رُوَاة البُخَارِيّ أضبط والاعتماد عَلَيْهِم أولى.

5953 - حدَّثنا مُوسَى عَبْدُ الوَاحِدِ حَدثنَا عُمارَةُ حَدثنَا أبُو زُرْعَة قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أبي هُرَيْرَةَ دَارا بالمَدِينَةِ فَرَأى أعْلاَها مُصَوِّراً يُصَوِّرُ، قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُولُ: ومنْ أظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً ثُمَّ دَعا بِتَوْرٍ مِنْ ماءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إبْطَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. أشَيْءٌ مِنْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: مُنْتَهى الحِلْيَةِ. (انْظُر الحَدِيث الحَدِيث 5953 طرفه فِي: 7559) .

لَيْسَ فِيهِ تعرض إِلَى النَّقْض وَلم تبْق الْمُطَابقَة إلاَّ فِي لفظ: الصُّور، فَقَط. ومُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل، وَعبد الْوَاحِد هُوَ ابْن زِيَاد، وَعمارَة بِالضَّمِّ هُوَ ابْن الْقَعْقَاع، وَأَبُو زرْعَة هوا بن عَمْرو بن جرير.
قَوْله: (دَارا بِالْمَدِينَةِ) هِيَ لمروان بن الحكم، وَقع ذَلِك فِي رِوَايَة مُسلم لَهُ: دَارا تبنى لسَعِيد أَو لمروان بِالشَّكِّ، وَسَعِيد هُوَ ابْن الْعَاصِ بن سعيد الْأمَوِي، وَكَانَ هُوَ ومروان بن الحكم يتعاقبان إمرة الْمَدِينَة لمعاوية بن أبي سُفْيَان، وَالرِّوَايَة الجازمة أولى. قَوْله: (مصوراً) أَي: شخصا مصوراً، وَهُوَ إسم فَاعل من التَّصْوِير وانتصابه على أَنه مفعول رأى. قَوْله: (أَعْلَاهَا) أَي: أَعلَى الدَّار، أَرَادَ سقفها. قَوْله: (يصور) على صِيغَة الْمَعْلُوم من الْمُضَارع فِي مَحل النصب على الْحَال، مَعْنَاهُ: يصنع الصُّور. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مصوراً بِلَفْظ الْمَفْعُول، وبصور بِلَفْظ الْجَار وَالْمَجْرُور. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ بعيد. قلت: لم يبين وَجه بعده فَلَا بعد أصلا بل هُوَ أقرب على مَا لَا يخفى. قَوْله: (وَمن أظلم مِمَّن ذهب يخلق) أَي: وَلَا أحد أظلم مِمَّن قصد حَال كَونه يخلق أَي: يصنع وَيقدر كخلقي، وَفِيه حذف تَقْدِيره: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله تَعَالَى: {وَمن أظلم} ... إِلَى آخِره، وَنَحْوه فِي رِوَايَة ابْن فُضَيْل. فَإِن قلت: كَيفَ التَّشْبِيه فِي قَوْله: كخلقي؟ قلت: التَّشْبِيه لَا عُمُوم لَهُ، يَعْنِي: كخلقي فِي فعل الصُّورَة لَا من كل الْوُجُوه، قيل: الْكَافِر أظلم مِنْهُ. وَأجِيب: بِأَن الَّذِي يصور الصَّنَم لِلْعِبَادَةِ هُوَ كَافِر، فَهُوَ هُوَ أَو يزِيد

الصفحة 71