كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)
5963 - حدَّثنا عَيَّاشُ بنُ الوَلِيدِ حدّثنا عَبْدُ الْأَعْلَى حدّثنا سَعِيدٌ قَالَ: سَمِعْتُ النَّضْرَ بنَ أنَسِ ابنِ مالكٍ يُحَدِّثُ قَتادَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابنِ عَبَّاسٍ وهُمْ يَسْألُونَهُ وَلَا يَذْكُرُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى سُئِلَ فَقَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّداً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: مَنْ صوَّرَ صُورَة فِي الدُّنْيا كلِّفَ يَوْمَ القِيامَةِ أنْ يَنْفُخَ فِيها الرُّوحَ وأَيْسَ بِنافِخٍ. (انْظُر الحَدِيث 2225 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعَيَّاش بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة ابْن الْوَلِيد الرقام، وَعبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى، وَسَعِيد هُوَ ابْن أبي عرُوبَة، وَالنضْر بالنُّون وَالضَّاد الْمُعْجَمَة الساكنة.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة فِي: بَاب من صور صُورَة فِي الدُّنْيَا، وَلَفظه عَن النَّضر بن أنس بن مَالك، قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد ابْن عَبَّاس فَجعل يُفْتِي وَلَا يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَتَّى سَأَلَهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي رجل أصور هَذِه الصُّورَة، فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: أدنه، فَدَنَا الرجل فَقَالَ ابْن عَبَّاس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من صور صُورَة ... الحَدِيث.
قَوْله: (وَلَيْسَ بنافخ) أَي: لَا يقدر على النفخ فيعذب بتكليف مَا لَا يُطَاق، وَفِي رِوَايَة سعيد بن أبي الْحسن: فَإِن الله يعذبه حَتَّى ينْفخ الرّوح وَلَيْسَ بنافخ فِيهَا أبدا، وَاسْتِعْمَال: حَتَّى، هُنَا نَظِير اسْتِعْمَالهَا فِي قَوْله تَعَالَى: { (7) حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} (الْأَعْرَاف: 40) وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين رَحمَه الله: فِيهِ دلَالَة على أَن المصور لَا يَنْقَطِع تعذيبه لِأَنَّهُ كلف أَن ينْفخ فِي تِلْكَ الصُّورَة الرّوح وَجعل غَايَة عَذَابه إِلَى أَن ينْفخ فِي تِلْكَ الصُّورَة الرّوح، وَأخْبر أَنه لَيْسَ بنافخ فِيهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي تخليده فِي النَّار كَقَوْل الْمُعْتَزلَة، ثمَّ أجَاب بِأَن هَذَا مَحْمُول على من يكفر بالتصوير كَالَّذي يصور الْأَصْنَام لتعبد من دون الله، فَإِنَّهُ كفر، وَقَالَ أَيْضا: مَا المُرَاد بقوله: أَن ينْفخ فِيهَا الرّوح؟ هَل المُرَاد بِهِ وجود الْحَيَاة الْمُطلقَة حَتَّى تصير تِلْكَ الصُّورَة حَيَوَانا أَو حَتَّى يصير حَيَوَانا تَاما ناطقاً؟ الظَّاهِر هُوَ الأول. فَإِن قلت: ورد التَّصْرِيح بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا ... الحَدِيث، وَفِيه: فَلَا يزالون يُعَذبُونَ حَتَّى تنطق الصُّورَة وَلَا تنطق. قلت: هَذَا لَا يَصح فَإِنَّهُ من رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي الزعير عَنهُ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس، وَذكره ابْن حبَان فِي (الضُّعَفَاء) وَقَالَ فِيهِ: دجال من الدجاجلة، وروى لَهُ حَدِيثا مَوْضُوعا.
98 - (بابُ الإرْتِدافِ عَلَى الدَّابَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الارتداف وَهُوَ إركاب رَاكب الدَّابَّة خَلفه غَيره، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا وَجه مُنَاسبَة الْبَاب بِالْكتاب؟ يَعْنِي: مُنَاسبَة هَذَا الْبَاب بِكِتَاب اللبَاس، ثمَّ أجَاب بقوله: الْغَرَض مِنْهُ الْجُلُوس على لِبَاس الدَّابَّة وَإِن تعدد أشخاص الراكبين عَلَيْهَا، وَالتَّصْرِيح بِلَفْظ القطيفة فِي الحَدِيث مشْعر بذلك، وَقَالَ بَعضهم، بعد أَن طول مَا لَا فَائِدَة فِيهِ: إِن الَّذِي يرتدف لَا يَأْمَن السُّقُوط فينكشف فيتحفظ المرتدف من السُّقُوط، وَإِذا سقط فيبادر إِلَى السّتْر. قلت: هَذَا جَوَاب فِي غَايَة السُّقُوط، وَمَا معنى تَخْصِيص المرتدف بِعَدَمِ الْأَمْن من السُّقُوط وكل مِنْهُمَا مُشْتَرك فِي هَذَا الْمَعْنى؟ بل الرَّاكِب وَحده أَيْضا لَا يَأْمَن من السُّقُوط غَالِبا، وَمَا قَالَه الْكرْمَانِي أوجه وَإِن كَانَ لَا يَخْلُو عَن تعسف مَا.
174 - (حَدثنِي قُتَيْبَة حَدثنَا أَبُو صَفْوَان عَن يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن أُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ركب على حمَار على إكاف عَلَيْهِ قطيفة فَدَكِيَّة وَأَرْدَفَ أُسَامَة وَرَاءه) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأَبُو صَفْوَان عبد الله بن سعيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان الْأمَوِي والْحَدِيث طرف من حَدِيث طَوِيل مضى فِي الْجِهَاد عَن قُتَيْبَة وَفِي الطِّبّ عَن يحيى بن بكير وَسَيَأْتِي فِي الْأَدَب والاستئذان وَمضى الْكَلَام فِيهِ قَوْله " قطيفة " وَهِي الدثار المخمل والفدكية صفتهَا نِسْبَة إِلَى فدك بِفَتْح الْفَاء وَالدَّال الْمُهْملَة وَهِي قَرْيَة بِخَيْبَر
الصفحة 76
320