كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أَنا رَدِيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . وَهَمَّام بتَشْديد الْمِيم الأولى ابْن يحيى الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي الرقَاق عَن هدبة، وَفِي الاسْتِئْذَان عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن هداب ابْن خَالِد وَهُوَ هدبة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن عَمْرو بن عَليّ.
قَوْله: (بَينا) قد ذكرنَا غير مرّة أَن أَصله: بَين، فزيدت فِيهِ الْألف، وَرُبمَا تزاد الْمِيم أَيْضا وَهُوَ مُضَاف إِلَى جملَة وَيحْتَاج إِلَى جَوَاب. قَوْله: (رَدِيف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) كَذَا فِي الْأُصُول، وَجَاء: ردف، بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الدَّال والردف والرديف هُوَ الرَّاكِب خلف الرَّاكِب، واصله من ركُوبه على الردف وَهُوَ الْعَجز، وَقَالَ ابْن سَيّده: وَخص بِهِ بَعضهم عجيزة الْمَرْأَة، وردف كل شَيْء مؤخره، والردف مَا تبع الشَّيْء وَالْجمع من كل ذَلِك أرداف، وَفِي (الْجَامِع) للقزاز: الردف الَّذِي يركب وَرَاءَك وَهُوَ ردفك ورديفك، وَأنكر بَعضهم الرديف، وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ الردف وكل شَيْء جَاءَ بعْدك فقد ردفك، وَتقول فِي الْقَوْم نزل بهم أَمر: قد ردف لَهُم أَمر أعظم مِنْهُ، والردف مَوضِع مركب الرديف، وَهَذَا يرذون لَا يردف وَلَا يرادف، وَأنكر بَعضهم بردف، وَقَالَ: إِنَّمَا يُقَال: لَا يرادف، وأردفته إِذا ركبت وَرَاءه، وَإِذا جِئْت بعده، وَمِنْه. قَوْله عز وَجل: {مُردفِينَ} قَالُوا: وَالْعرب تَقول: جِئْت مردفاً لفُلَان، أَي: جِئْت بعده وَجَاء الْقَوْم مرادفين، والرداف جمع رَدِيف، وَجَاء الْقَوْم ردافاً أَي: بَعضهم فِي إِثْر بعض، وأرداف الْمُلُوك فِي الْجَاهِلِيَّة هم الَّذين كَانُوا يخلفون الْمُلُوك، وترادفت الْأَشْيَاء إِذا تَتَابَعَت. وَفِي (كتاب الأرداف) لِابْنِ مَنْدَه: أرْدف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جمَاعَة كَثِيرَة انْتهى بهم نَحْو الثَّلَاثِينَ، مِنْهُم: أَوْلَاد الْعَبَّاس وَعبد الله بن جَعْفَر وَأَبُو هُرَيْرَة وَقيس بن سعد بن عبَادَة وَصفِيَّة وَأم حبيب الجهنية. قَوْله: (لَيْسَ بيني وَبَينه إِلَّا آخِرَة الرحل) المُرَاد بِهِ الْمُبَالغَة فِي شدَّة قربه إِلَيْهِ ليَكُون أوقع فِي نفس السَّامع فيضبط. قَوْله: (وآخرة) بِوَزْن: فاعلة، وَهِي العودة الَّتِي يسْتَند إِلَيْهَا الرَّاكِب من خَلفه، (والرحل) بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة الكور هُنَا وَهُوَ للناقة كالسرج للْفرس. قَوْله: (لبيْك) ، قد مر تَفْسِيره فِي الْحَج. قَوْله: (وَسَعْديك) ، أَي: ساعدت طَاعَتك مساعدة بعد مساعدة. وتكرير قَوْله: (يَا معَاذ) لتأكيد الاهتمام بِمَا يخبر بِهِ. قَوْله: (مَا حق الله؟) الْحق الشَّيْء الثَّابِت، وَيَأْتِي بِمَعْنى: خلاف الْبَاطِل، وَيسْتَعْمل بِمَعْنى الْوَاجِب والجدير. قَوْله: (إِذا فَعَلُوهُ) ، أَي: إِذا أَدّوا حق الله تَعَالَى. قَوْله: (مَا حق الْعباد على الله؟) يحْتَمل وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون أَرَادَ حَقًا شَرْعِيًّا لَا وَاجِبا بِالْعقلِ، كَمَا تَقول الْمُعْتَزلَة، وَكَأَنَّهُ لما وعد بِهِ ووعده الصدْق صَار حَقًا من هَذِه الْجِهَة. وَالثَّانِي: أَن يكون هَذَا من بَاب المشاكلة، وَهُوَ نوع من أَنْوَاع البديع الَّذِي يحسن بِهِ الْكَلَام.
102 - (بابُ إرْدَافِ المَرْأةِ خَلْفَ الرَّجُلِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إرداف الرأة خلف الرجل على الدَّابَّة، هَذِه التَّرْجَمَة هَكَذَا هِيَ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: إرداف الْمَرْأَة خلف الرجل ذَا محرم، أَي: حَال كَون الرجل ذَا محرم من الْمَرْأَة، وروى بعض، ذِي محرم، على أَنه صفة للرجل.
5968 - حدَّثنا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ حَدثنَا يَحْياى بنُ عبَّادٍ حَدثنَا شُعْبَةُ أَخْبرنِي يَحْياى بنُ أبي إسْحاقَ قَالَ: سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: أقْبَلْنا مَع رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ خَيْبَرَ وإنِّي لَرَدِيفُ أبي طَلْحَةَ وَهْوَ يَسِيرُ، وبَعْضُ نِساءِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَدِيفُ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إذْ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَقُلْتُ: المَرْأةَ، فَنَزَلْتُ فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّها أُمُّكُمْ، فَشَدَدْتُ الرَّحْلَ ورَكِبَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا دَنأوْ: رَأى المَدِينَةِ قَالَ: آيِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ، لِرَبِّنا حامِدُونَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والصباح بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الْبَغْدَادِيّ، وَيحيى بن عباد بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، وَيحيى بن أبي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث قد مضى فِي الْجِهَاد عَن أبي معمر، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (رَدِيف أبي طَلْحَة) ، وَهُوَ زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ زوج أم أنس. قَوْله: (فَقلت: الْمَرْأَة) ، بِالنّصب أَي: إحفظها، وبالرفع: جَاءَ، أَي: قلت وَقعت الْمَرْأَة، وَهِي صَفِيَّة بنت حَيّ أم الْمُؤمنِينَ. قَوْله: (فَنزلت) ، بِلَفْظ الْمُتَكَلّم، قَوْله: (إِنَّهَا أمكُم) ، إِنَّمَا
الصفحة 79
320