كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)
رِوَايَته لهَذَا الحَدِيث فِي أول الزَّكَاة: أخْشَى أَن يكون مُحَمَّد غير مَحْفُوظ، إِنَّمَا هُوَ عَمْرو.
والْحَدِيث مر فِي أول الزَّكَاة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (مَاله؟) اسْتِفْهَام وَكرر للتَّأْكِيد. قَوْله: (أرب) بِفتْحَتَيْنِ الْحَاجة وَتَقْدِيره: لَهُ أرب، فَيكون ارتفاعه على الِابْتِدَاء وَخَبره قَوْله: لَهُ مقدما، وَرُوِيَ بِكَسْر الرَّاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة من أرب فِي الشَّيْء إِذا صَار ماهراً فِيهِ فَيكون مَعْنَاهُ التَّعَجُّب من حسن فظنته والتهدي إِلَى مَوضِع حَاجته. قَوْله: (ذرهاً) أَي: أترك الرَّاحِلَة ودعها كَانَ الرجل كَانَ على الرَّاحِلَة حِين سَأَلَ الْمَسْأَلَة، وَفهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، استعجاله، فَلَمَّا حصل مَقْصُود من الْجَواب قَالَ لَهُ: دع الرَّاحِلَة تمشي إِلَى مَنْزِلك إِذْ لم يبْق لَك حَاجَة فِيمَا قصدته، أَو كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاكِبًا وَهُوَ كَانَ آخِذا بزمام رَاحِلَته، فَقَالَ بعد الْجَواب: دع زِمَام الرَّاحِلَة.
11 - (بابُ إثْمِ القاطِعِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِثْم قَاطع الرَّحِم.
13 - (حَدثنِي يحيى بن بكير حَدثنَا اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب أَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم قَالَ إِن جُبَير بن مطعم أخبرهُ أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول لَا يدْخل الْجنَّة قَاطع) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَمُحَمّد بن جُبَير يروي عَن أَبِيه جُبَير بن مطعم والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن ابْن أبي عمر وَغَيره وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الزَّكَاة عَن مُسَدّد وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبر عَن ابْن أبي عمر وَغَيره قَوْله قَاطع أَي قَاطع الرَّحِم قَالَ الْكرْمَانِي الْمُؤمن بالمعصية لَا يكفر فَلَا بُد من أَن يدْخل الْجنَّة ثمَّ قَالَ حذف مفعول قَاطع يدل على عُمُومه وَمن قطع جَمِيع مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل كَانَ كَافِرًا أَو المُرَاد المستحل أَو لَا يدخلهَا مَعَ السَّابِقين -
12 - (بابُ مَنْ بُسِطَ لَهُ فِي الرِّزْقِ بِصِلَةِ الرَّحِمِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من بسط على صِيغَة الْمَجْهُول لَهُ فِي الرزق بِسَبَب صلَة الرَّحِم.
14 - (حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر حَدثنَا مُحَمَّد بن معن قَالَ حَدثنِي أبي عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول من سره أَن يبسط لَهُ فِي رزقه وَأَن ينسأ لَهُ فِي أَثَره فَليصل رَحمَه) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَمُحَمّد بن معن بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالنون ابْن مُحَمَّد بن معِين بن نَضْلَة بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة ابْن عَمْرو الْمدنِي الْغِفَارِيّ ونضلة لَهُ صُحْبَة كَانَ يسكن فِي نَاحيَة العرج وَمُحَمّد بن معن يروي عَن أَبِيه معن بن مُحَمَّد وَهُوَ ثِقَة وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَكَذَا أَبوهُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَوضِع آخر أَو موضعان وَسَعِيد بن أبي سعيد هُوَ المَقْبُري وَاسم أبي سعيد كيسَان والْحَدِيث من أَفْرَاده قَوْله وَأَن ينسأ لَهُ من النسأ بِفَتْح النُّون وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وبالهمزة فِي آخِره وَهُوَ التَّأْخِير أَي يُؤَخر لَهُ فِي أَثَره أَي فِي أَجله وَأثر الشَّيْء هُوَ مَا يدل على وجوده ويتبعه وَالْمرَاد بِهِ هَهُنَا الْأَجَل وَسمي بِهِ لِأَنَّهُ يتبع الْعُمر فَإِن قلت الْآجَال مقدرَة وَكَذَا الأرزاق لَا تزيد وَلَا تنقص {فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} قلت أُجِيب عَن هَذَا بِوَجْهَيْنِ (أَحدهمَا) أَن هَذِه الزِّيَادَة بِالْبركَةِ فِي الْعُمر بِسَبَب التَّوْفِيق فِي الطَّاعَات وصيانته عَن الضّيَاع وَحَاصِله أَنَّهَا بِحَسب الكيف لَا الْكمّ (وَالثَّانِي) أَن الزِّيَادَة على حَقِيقَتهَا وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى علم الْملك الْمُوكل بالعمر وَإِلَى مَا يظْهر لَهُ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ بالمحو وَالْإِثْبَات فِيهِ {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} كَمَا أَن عمر فلَان سِتُّونَ سنة إِلَّا أَن يصل رَحمَه فَإِنَّهُ يُزَاد عَلَيْهِ عشرَة وَهُوَ سَبْعُونَ وَقد علم الله عز وَجل بِمَا سيقع لَهُ من ذَلِك فبالنسبة إِلَى الله تَعَالَى لَا زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَيُقَال لَهُ الْقَضَاء المبرم وَإِنَّمَا يتَصَوَّر الزِّيَادَة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِم وَيُسمى مثله بِالْقضَاءِ الْمُعَلق وَيُقَال المُرَاد بَقَاء ذكره الْجَمِيل بعده فَكَأَنَّهُ لم يمت وَهُوَ إِمَّا بِالْعلمِ الَّذِي ينْتَفع بِهِ أَو الصَّدَقَة الْجَارِيَة أَو الْخلف الصَّالح
الصفحة 91
320