كتاب تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (اسم الجزء: 22)

والإقرار، ولنا ذنوب ولا ندري ما حالنا عند الله. ثم قال وَقَالَ أَبُو حنيفة من قَالَ بقول سُفْيَان هَذَا فَهُوَ عندنا شاك، نَحْنُ المؤمنون هنا وعند الله حقا. قَالَ وكيع:
وَنَحْنُ نقول بقول سُفْيَان وقول أَبِي حنيفة عندنا جرأة.
اعلم وفقك الله أن الإيمان هو التصديق، واعلم أنه لا يكون تصديقا بدون المعرفة والمعرفة لا تكون مع الشك إنما تكون مع اليقين وإذا ثبت هذا فنحن المؤمنون هنا وعند الله لأن المعرفة والمعرفة لا تختلف لأن من عرف هنا كان عارفا عند الله لأن المعرفة الجهل، وأما قول أبى حنيفة عن سفيان في قوله نحن المؤمنون وأهل القبلة عندنا مؤمنون محمول على قوله تعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ
ألا تراه نفى الإيمان عن من أسلم إلا من عرف بقلبه فثبت ما قلت إنه لا يكون إيمانا إلا بمعرفة.
وقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المعدل بإسناده إلى حمزة بن الحارث بن عُمَيْر عن أَبِيهِ. قال سمعت رجلا سأل أَبَا حنيفة في المسجد الحرام عن رجل قَالَ أشهد أن الكعبة حق ولكن لا أدري هِيَ هذه التي بمَكَّة أم لا؟ فَقَالَ مؤمن حقا وسأله عن رجل قَالَ أشهد أن مُحَمَّد بن عَبْد الله نبي ولكن لا أدري هُوَ الَّذِي قبره بالمدينة أم لا؟ فَقَالَ مؤمن حقا. قَالَ الحُمَيْدِيّ: من قال بهذا فقد كفر. قَالَ وَكَانَ سُفْيَان يحدث بِهِ عن حمزة بن الحارث.
وقال أخبرنا الحسن محمد الخلال بإسناده إلى محمد الباغنديّ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ:
كُنْت عند عَبْد الله بن الزُّبَيْر فأتاه كتاب أَحْمَد بن حَنْبَل اكتب إلى بأشبع مسألة عن أَبِي حنيفة فكتب إِلَيْهِ: حَدَّثَنِي الحارث بن عُمَيْر قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حنيفة يقول: لو أن رجلا قال أعرف أن لله بيتا ولا أدرى هو الَّذِي بمَكَّة أَوْ غيره أمؤمن هُوَ؟ قَالَ: نعم ولو أن رجلا قَالَ أعلم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مات ولا أدرى دفن بالمدينة أَوْ غيرها أمؤمن هُوَ؟ قَالَ نعم فهذا القول لم ينقله أحد من أصحاب أبى حنيفة ولا رووا عنه مثل هذا فلو كان صحيحا لنقل كما نقلت جميع مسائله. ولكني أقول ما تقول في اليهود أصحاب موسى لما جهلوا قبر موسى أضرهم ذلك؟ لا لأنهم عرفوا أن موسى نبى حق فأما جهالة القبر لا تضر بدليل أن من لم يزر المدينة ولم يحج لا يعرف القبر ولا البيت ومع ذلك لم يقدح في إيمانه ثم ومن زار المدينة فالحجرة الشريفة حائلة بينه وبين مكان القبر حقيقة من جهة التربيع فمن ذهب إلى قول الحميدي

الصفحة 45