كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

وكل من يثق به بالبحث عن ذلك، فلم يزل حتى تحقق الأمر، فأضمر السوء للبرامكة «1» .
وقبل إن سبب نكبة البرامكة أن يقطين بن موسى كان من أكابر الشيعة، وممّن كان مع إبراهيم الإمام، فقال يوما للرشيد: حدّثنى مولاى إبراهيم الإمام أن الخامس من خلفاء بنى العباس يغدر به كتّابه، فإن لم يقتلهم قتلوه، فقال له الرشيد: الله- يحدثك الإمام بهذا!! قال: نعم.
وقيل كان سبب ذلك أن الرشيد دفع يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب إلى جعفر بن يحيى فحبسه «2» ، ثم استدعاه وسأله عن بعض أمره، فقال له: اتق الله فى أمرى. ولا تتعرض غدا أن يكون خصمك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فو الله ما أحدثت حدثا ولا آويت محدثا، فرقّ له وقال: اذهب حيث شئت من بلاد الله.
فقال: كيف أذهب ولا آمن أن أوخذ؟ فوجّه معه من أوصله إلى مأمنه.
وبلغ الخبر الفضل بن الربيع فرفعه إلى الرشيد، فقال: ما أنت وهذا- فلعلّه «3» عن أمرى!! ثم أحضر جعفرا وسأله عن يحيى. فقال: هو بحاله فى الحبس، فقال بحياتى!! ففطن جعفر وقال: لا وحياتك، وقصّ عليه أمره، وقال: علمت أنّه لا مكروه عنده، فقال: نعم ما فعلت. ما عدوت ما فى نفسى، فلما قام عنه قال: قتلنى الله إن لم أقتلك. وقيل إن الرشيد لما دفعه لجعفر بقى عنده ما شاء الله، وكان جعفر يرى سرور الرشيد بموت من يموت فى حبسه من هؤلاء، فشرب جعفر عنده يوما فقال: يا أمير

الصفحة 137