كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

شىء، فقال: دعنى وما أريد، فقال: افعل، فصعد المنبر فخلع الأمين ودعا للمأمون بالخلافة، وساروا وأقبل ابن ماهان وقد عبّأ أصحابه، وعبّأ عشر رايات مع كل راية ألف رجل، وقدّمها راية راية وجعل بين كل رايتين غلوة سهم، وعبّأ طاهر أصحابه كراديس، وسار بهم يحرّضهم ويوصيهم، وهرب من أصحاب طاهر نفر إلى علىّ، فجلد بعضهم وأهان الباقين، فكان ذلك مما ألب من بقى على قتاله، وزحف الناس بعضهم لبعض، فقال أحمد بن هشام لطاهر: ألا تذكّر على بن عيسى البيعة التى أخذها علينا هو للمأمون؟ قال: أفعل- فأخذ البيعة وعلّقها على رمح، وقام بين الصفين وطلب الأمان، فأمّنه علىّ بن عيسى، فقال له: ألا تتقى الله!! أليس هذه نسخة البيعة التى أخذتها أنت خاصة علينا؟؟ اتق الله فقد بلغت باب قبرك! فقال علىّ: من أتانى به فله ألف درهم، فسنمه أصحاب أحمد ثم وثب أهل الرى وأغلقوا باب المدينة، فقال طاهر لأصحابه:
اشتغلوا بمن أمامكم عمّن خلفكم، فإنّه لا ينجيكم إلا الجد والصدق، ثم التقوا واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزمت ميسرة طاهر هزيمة منكرة، وزالت ميمنته عن موضعها، فقال طاهر: اجعلوا جدّكم وبأسكم على القلب، واحملوا حملة خارجية، فحملوا على أول رايات القلب فهزموها، فرجعت الرايات بعضها على بعض وانتهت الهزيمة إلى علىّ، فجعل ينادى أصحابه:
الكرّة بعد الفرّة، فرماه رجل من أصحاب طاهر بسهم فقتله، وحمل رأسه إلى طاهر، وحملت جثّته إليه فألقى فى بئر، وأعتق طاهر من كان عنده من غلمانه شكرا لله تعالى، وتمت الهزيمة ووضع أصحاب طاهر فيهم السيوف، وتبعوهم فرسخين وواقفوهم فيها اثنتى عشرة مرّة، كل مرّة يكسر عسكر الأمين، وأصحاب طاهر يقتلون ويأسرون حتى حال بينهم الليل، وغنموا غنيمة عظيمة، ونادى أصحاب طاهر: من ألقى سلاحه فهو آمن،

الصفحة 173