كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

الجوالق، وأمر فدقّوه بمداق الجص وهو يصيح إلى أن خفت صوته وانقطع حسّه، وأمر به فطرح إلى دجلة وتقدم إلى بدر بتحويل ما فى داره، ثم قال لى:- وقد شاهدت ذلك كله- متى رأيت يا شيخ منكرا كبيرا أو صغيرا فأنكره ولو على هذا- وأشار «1» إلى بدر، ومن تقاعس عن القبول منك فالعلامة بيينا أن تؤذن فى مثل هذا الوقت لأسمع صوتك وأستدعيك، قال الشيخ: فدعوت له وانصرفت، وشاع الخبر بين «2» الجند والغلمان، فما سألت أحدا منهم بعدها إنصافا أو كفا عن قبيح إلا أطاعتى فما رأيت خوفا من المعتضد، وما احتجت أن أؤذّن فى مثل ذلك الوقت إلى الآن.
وحكى أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزى أيضا بسند رفعه إلى أبى بكر بن حورى- وكان يصحب أبا عبد الله بن أبى عوف قال «3» كنت ألزم ابن أبى عوف سنين «4» بيننا جوار ومودة «5» ، وكان رسمى كل ليلة أن أجىء بعد العتمة، فحين يرانى يمد رجله فى حجرى فأغمزها، وأحادثه ويسألنى عن الحوادث ببغداد وكتب استقربها له، فإذا أراد أن ينام قبض رجله فقمت إلى بيتى، وقد مضى ثلث الليل أو نصفه أو أقل «6» ، فلما كان ذات يوم جاءنى رجل كان يعاملنى، فقال: قد دفعت إلى أمر إن تمّ علىّ افتقرت، قلت وما هو؟ قال: رجل كنت أعامله فاجتمع لى عليه ألف دينار، فطالبته فرهننى عقد جوهر قوّم بألف دينار إلى أن يفتكه بعد شهور أو أبيعه، وأذن لى فى ذلك، فلما كان أمس وجّه يونس «7» صاحب الشرطة

الصفحة 367