كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

من كبس دكانى، وفتح صندوقى وأخذ العقد، فقلت: أنا أخاطب ابن أبى عوف فيلزمه بردّه، قال: وأنا مدلّ بابن أبى عوف لمكانى منه ومكانته من المعتضد، فلما كانت تلك الليلة جئته وحادثته على رسمى، وذكرت له فى جملة حديثى حديث العقد، فلما سمع نحّى رجله من حجرى وقال: مالى ولهذا!! أعادى خادما صاحب شرطة الخليفة؟! فورد علىّ أمر عظيم وخرجت من بيته ألا أعود، فلما صلّيت العتمة من الليلة المقبلة جاءنى خادم لابن أبى عوف، وقال: يقول لك لم تأخرت الليلة؟ إن كنت مشتكيا جئناك، فاستحييت وقلت أمضى الليلة، فلما رآنى مدّ رجله وأقبلت أحدّثه بحديث متكلف، فصبر على ساعة ثم قبض رجله فقمت، فقال: يا أبا بكر انظر أى شىء تحت المصلّى فخذه، فرفعت المصلّى فإذا برقعة فأخذتها، وتقدمت إلى الشمعة فإذا فيها: يا يونس جسرت على قصد دكّان رجل تاجر، وفتحت صندوقه وأخذت منه عقد جوهر- وأنا فى الدنيا، والله لولا أنّها أول غلطة غلطتها ما جرى فى ذلك مناظرة، اركب بنفسك إلى دكّان الرجل حتى تردّ العقد فى الصندوق بيدك ظاهرا، فقلت لأبى عبد الله: ما هذا؟ فقال: خط المعتضد- مثلث بين وجدك وبين يونس فاخترتك عليه، فأخذت خط أمير المؤمنين بما تراه، وامض وأرسله إليه، فقبّلت رأسه وجئت إلى الرجل، فأخذت بيده ومضينا إلى يونس وسلّمت التوقيع إليه، فلما رآه أسودّ وجهه وارتعد، حتى سقطت الرقعة من يده، ثم قال: يا هذا- الله بينى وبينك- هذا شىء ما علمت به، فألا تظلّمتم فإن لم أنصفكم فإلى الوزير- بلغتم الأمر أمير المؤمنين من أول وهلة! [قال] «1» فقلت: بعملك جرى والعقد معك فأحضره، فقال: خذ الألف دينار التى عليه، واكتبوا على الرجل ببطلان ما ادعاه، فقلت: لا نفعل، فقال:
ألف وخمسمائة، فقلت: والله لا نرضى حتى تركب بنفسك إلى الدكان فتردّ

الصفحة 368