كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

العقد، فركب وردّ العقد إلى مكانه.
وحكى عبد الرحمن أبو الفرج بن الجوزى «1» أيضا بسند رفعه إلى أبى محمد عبد الله بن حمدون «2» قال:
قال لى المعتضد ليلة- وقد قدّم له العشاء- لقّمنى، وكان الذى قدّم فراريج ودراريج، فلقّمته من صدر فرّوج، قال: لا، لقّمنى من فخده فلقّمته لقما، ثم قال: هات من الدراريج فلقّمته من أفخاذها، فقال:
ويلك- هوذا أتتنادر علىّ، هات من صدورها، فقلت: يا مولاى ركبت القياس، فضحك، فقلت: إلى كم أضحكك ولا تضحكنى، فقال: شل المطرح وخذ ما تحته، قال: فشلته فإذا دينار واحد، فقلت آخذ هذا؟ قال: نعم، فقلت: بالله هوذا تتنادر أنت الساعة علىّ، خليفة يجيز «3» نديمه بدينار!! فقال: ويلك- لا أجد لك فى بيت المال حقا أكثر من هذا، ولا تسمح نفسى أن أعطيك من مالى شيئا، ولكن هوذا احتال لك بحيلة تأخذ فيها خمسة آلاف دينار، فقبّلت يده فقال: إذا كان غدا وجاء القاسم- يعنى ابن عبيد الله- فهوذا أسارّك حتى تقع عينى عليه سرارا طويلا، ألتفت فيه إليه كالمغضب وانظر أنت إليه فى خلال ذلك كالمخالس لى نظر المترثى، فإذا انقطع السرار فاخرج ولا تبرح من الدهاليز، فإذا خرج خاطبك بجميل وأخذك إلى دعوته وسألك عن حالك، فاشك الفقر والخلّة وقلّة حظّك معى وثقل ظهرك بالدين والعيال، وخذ ما يعطيك واطلب كل ما تقع عليه عينك، فإنّه لا يمنعك حتى تستوفى خمسة آلاف دينار، فإذا أخذتها فسيسألك عما جرى فاصدقه وإياك أن تكذبه، وعرّفه أن ذلك حيلة منّى عليه حتى وصل إليك هذا وحدّثه بالحديث كله على

الصفحة 369