كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

شرحه، وليكن إخبارك إياه بذلك بعد امتناع شديد، وإحلاف لك منه بالطلاق والعتاق أن تصدقه وبعد أن تخرج من داره كل ما يعطيك إياه ويصير فى بيتك. قال: فلما كان من غد حضر القاسم فحين رآه بدأ يساررنى، وفعل وفعلت كما تقرّر، ثم خرجت فإذا القاسم فى الدهليز ينتظرنى، فقال:
يا أبا محمد- ما هذا الجفاء! لا تجيئنى ولا تزورنى ولا تسألنى حاجة! فاعتذرت إليه باتصال الخدمة علىّ، فقال: لا يقنعنى إلا أن تزورنى اليوم ونتفرج، فقلت: أنا خادم الوزير- فأخذنى إلى طيّارة وجعل يسألنى عن حالى وأخبارى فأشكو إليه الخلة والإضافة والبنات وجفاء الخليفة وإمساكه يده، فيسترجع ويقول: يا هذا مالى لك ولم تضيّق عليك ما يتسع علىّ؟ أو تتجاوز نعمة خلصت لى؟ أو يتخطّاك حظ نازل [فى فنائى] «1» ؟ ولو عرّفتنى لعاونتك على إزالة هذا كله فشكرته، وبلغنا داره فصعد ولم ينظر فى شىء، وقال: هذا يوم أحتاج أن أختص فيه بالسرور بأبى محمد، ولا يقطعنى أحد عنه، وأمر كتابه بالتشاغل بالأعمال، وخلّانى فى دار الخلوة وجعل يجادثنى ويبسطنى، وقدّمت الفاكهة فجعل يلقمنى بيده، وجاء الطعام وكانت هذه سبيله، ووقّع لى بثلاثة آلاف دينار فأخذتها للوقت، وأحضر لى ثيابا وطيبا ومركوبا فأخذت ذلك، وكان بين يدىّ صينيّة فضّة فيها مغسل فضّة فأخذتها، وخرداذى «2» بللور وكوز وقدح بللور فأمر بحمله إلى طيّارى، وأقبلت كلما رأيت شيئا حسنا له قيمة طلبته. فحمل إلىّ فرشا «3» وقال:
هذا للبنات، فلما تقوّض المجلس خلا بى وقال لى: يا أبا محمد- أنت عالم بحقوق أبى عليك ومودّتى لك، فقلت: أنا خادم الوزير، فقال: أريد أن أسالك عن شىء وتحلف لى أنك تصدقنى عنه، فقلت: السمع

الصفحة 370