كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

عليه صيحة عظيمة كادت روحه تخرج معها، وقال: اصدقنى يا ملعون عن قصّتك مع المرأة التى قتلتها اليوم وإلا ضربت عنقك، قال: فتلعثم وقال:
نعم، كنت اليوم من سحر فى مشرعتى فنزلت امرأة «1» وعليها ثياب فاخرة وحلى كثير وجوهر، فطمعت فيها فاحتلت عليها حتى سددت فاها وغرّقتها، وأخذت جميع ما كان عليها، ولم أجسر على حمل سلبها إلى بيتى كيلا يفشو الخبر، فعملت على الهرب وانحدرت الساعة لأمضى إلى واسط، فعلقنى هؤلاء الخدم وحملونى «2» ، فقال له: أين الحلى والسلب؟ قال:
فى «3» السفينة تحت البوارى، فقال المعتضد للخدم: جيئونى به، فمضوا «4» وأحضروه، فقال: خذوا الملّاح فغرّقوه ففعلوا، ثم أمر أن ينادى ببغداد على امرأة خرجت إلى المشرعة الفلانيّة سحرا وعليها الثياب والحلى فليحضر من يعرفها، ويعطى صفة ما كان عليها ويأخذه فقد تلفت المرأة، فحضر فى اليوم الثانى أو الثالث أهل المرأة، وأعطوا صفة ما كان عليها فسلّم ذلك إليهم، قال: فقلنا يا مولانا أوحى إليك، فقال: رأيت فى منامى كأنّ رجلا شيخا أبيض الرأس واللحية والثياب وهو ينادى بالأخذ لأوّل «5» ملّاح ينحدر الساعة فاقبض عليه، وقرّره عن خبر امرأة قتلها اليوم وسلبها، وأقم عليه الحدّ- فكان ما شاهدتم.
وكان المعتضد بالله رحمه الله شجاعا مقداما، فما حكى عن شجاعته ما حكاه أبو الفرج بسند رفعه إلى خفيف السمرقندى قال «6» :
كنت مع مولاى المعتضد فى بعض متصيّداته، وقد انقطع عن العسكر وليس معه غيرى، فخرج علينا أسد فقصدنا، فقال لى المعتضد:

الصفحة 372