كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

ونقل إليكم السلطان وعزّ الإسلام، ومنّ عليكم بإمام منحه العدالة، وأعطاه حسن الإيالة، فخذوا ما أتاكم الله بشكر، والزموا طاعتنا، ولا تخدعوا عن أنفسكم، فإنّ الأمر أمركم، وإنّ لكل أهل بيت مصرا، وإنكم مصرنا، ألا وإنّه ما صعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا أمير المؤمنين على بن أبى طالب، وأمير المؤمنين عبد الله بن محمد (وأشار بيده إلى أبى العباس) . واعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منّا، حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم صلّى الله عليه وسلّم، والحمد لله على ما أبلانا وأولانا.
ثم نزلا، وداود أمامه حتى دخل القصر، وأجلس أخاه أبا جعفر المنصور يأخذ البيعة على الناس فى المسجد، فلم يزل يأخذها عليهم حتى صلّى بهم العصر ثم المغرب وجهنّم الليل، وخرج أبو العباس فعسكر بحمام أعين فى عسكر أبى سلمة، ونزل معه فى حجرته «1» بينهما ستر، وحاجب السفاح يومئذ عبد الله بن بسّام، واستخلف على الكوفة وأرضها عمه داود بن على، وبعث عمه عبد الله بن على إلى أبى عون «2» بن يزيد بشهر زور، وبعث ابن أخيه عيسى بن موسى إلى الحسن بن قحطبة، وهو يومئذ يحاصر ابن هبيرة بواسط «3» ، وبعث يحيى بن جعفر بن تمام بن عباس إلى حميد بن قحطبة بالمدائن، وبعث أبا اليقظان عثمان بن عروة «4» بن محمد بن عمّار بن ياسر إلى بسّام بن إبراهيم بن بسّام بالأهواز، وبعث سلمة بن عمرو بن عثمان إلى مالك بن الطواف. وأقام السفاح بالعسكر أشهرا، ثم ارتحل فنزل المدينة الهاشمية بقصر الإمارة، وكان قد تنكّر لأبى سلمة قبل تحوّله حتى عرف ذلك منه.

الصفحة 44