كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

ذكر هزيمة مروان بالزاب
قد ذكرنا أن قحطبة أرسل أبا عون عبد «1» الملك بن يزيد الأزدى إلى شهرزور، وأنه سار إلى ناحية الموصل، وأن مروان سار من حرّان حتى بلغ الزاب وحفر خندقا، وكان فى عشرين ومائة ألف، وسار أبو عون إلى الزاب، فوجّه أبو سلمة إلى أبى عون عيينة بن موسى، والمنهال بن فتّان، وإسحاق بن طلحة، كل واحد فى ثلاثة آلاف، فلما ظهر أبو العباس بعث سلمة بن محمد فى ألفين، وعبد الله الطائى فى ألف وخمسمائة، وعبد الحميد ربعى الطائى فى ألفين، ووداس بن نضلة فى خمسمائة- إلى أبى عون، ثم قال: من يسير إلى مروان من أهل بيتى؟ قال عبد الله بن على:
أنا، فسيّره إلى أبى عون فقدم عليه، فتحوّل أبو عون عن سرادقه له، فلما كان لليلتين خلتا من شهر جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين ومائة سأل عبد الله ابن على عن مخاضة بالزاب فدلّ عليها، فأمر عيينة بن موسى فعبر فى خمسة آلاف، فانتهى إلى عسكر مروان فقاتلهم حتى أمسوا، ورجع إلى عبد الله، وأصبح مروان فعقد جسرا وعبر النهر، وسيّر ابنه عبد الله فنزل أسفل من عسكر عبد الله، فبعث عبد الله بن على المخارق بن غفار فى أربعة آلاف نحو عبد الله بن مروان، فبعث ابن مروان إليه الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم فالتقيا، فانهزم أصحاب المخارق وثبت هو، فأسر فى جماعة وسيّروهم إلى مروان، فأمر أن يؤتى برجل من الأسرى، فأتى بالمخارق، فقال له: أنت المخارق، قال: لا بل أنا من عبيد أهل العسكر، قال:
أفتعرف المخارق؟ قال: نعم، قال: فانظر هل تراه فى هذه الرءوس؟
فنظر إلى رأس منها فقال: هذا هو المخارق، فخلّى سبيله، ولما بلغت الهزيمة عبد الله بن على أرسل إلى طريق المنهزمين من يمنعهم من دخول العسكر، وأشار عليه أبو عون أن يبادر مروان بالقتال، قبل أن يظهر أمر المخارق،

الصفحة 45