كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

بمصر. ولما وصل الرأس الى السفاح كان بالكوفة، فلما رآه سجد ثم رفع رأسه، فقال: الحمد لله الذى أظهرنى عليك، وأظفرنى بك، ولم يبق ثأرى قبلك وقبل رهطك أعداء الدين، ثم تمثل:
لو يشربون دمى لم يرو شاربهم ... ولا دماؤهم للغيظ تروينى
قال: ولما قتل مروان قصد عامر الكنيسة التى فيها حرم مروان، وكان قد وكل بهنّ خادما له، وأمره أن يقتلهن بعده، فأخذه عامر وأخذهن، وهنّ نساء مروان وبناته، فسيّرهن إلى صالح بن على، فلما دخلن عليه تكلمت ابنة مروان الكبرى فقالت: يا عم أمير المؤمنين، حفظ الله لك من أمرك ما تحب حفظه، نحن بناتك وبنات أخيك وابن عمك، فليسعنا من عفوك ما وسعكم من جورنا، قال: إذن لا أستبقى منكنّ واحدة، ألم يقتل أبوك ابن أخى إبراهيم؟! ألم يقتل هشام بن عبد الملك زيد بن على بن الحسين وصلبه فى الكوفة؟! ألم يقتل الوليد بن يزيد- يحيى بن زيد وصلبه بخراسان؟! ألم يقتل ابن زياد الدعىّ مسلم بن عقيل؟! ألم يقتل يزيد بن معاوية- الحسين بن على وأهل بيته؟! ألم يخرج إليه بحرم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سبايا فوقفهن موقف السبى؟! ألم يحمل إليه رأس الحسين وقد فرغ دماغه؟! فما الذى يحملنى على الإبقاء عليكن؟! قالت: فليسعنا عفوكم، أما هذا فنعم، وإن أحببت زوّجتك ابنى الفضل، فقالت: بل تحملنا إلى حرّان، فحملهن إليها.
ذكر من قتل من بنى أمية بعد مقتل مروان بن محمد
قال: دخل سديف مولى للسفاح عليه وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك وقد أكرمه السفاح، فقال سديف:
لا يغرنك ما ترى من رجال ... إن تحت الضلوع داء دويا
فضع السيف وارفع السوط حتى ... لا ترى فوق ظهرها أمويا

الصفحة 49