كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

يطيّب النفس إن النار تجمعكم ... عوضتم من لظاها شر معتاض
إن كان غيظى لفوت منكم فلقد ... رضيت «1» منكم بما ربى به راض «2»
وقيل إن سديفا أفسد الشعر، الذى ذكرناه عنه للسفاح ومعه كانت الحادثة، وقتل سليمان بن على بن عبد الله بن العباس بالبصرة منهم جماعة.
وألقاهم على الطريق فأكلتهم الكلاب، فاختفى من قدر من بنى أمية.
وتشتت شملهم، وكان ممن اختفى منهم عمرو بن معاوية بن عمرو بن سفيان ابن عتبة بن أبى سفيان، قال: فكنت لا آتى مكانا إلا عرفت فيه، فضاقت علىّ الأرض فقصت سليمان بن على، وهو لا يعرفنى، فقلت له: لفظتنى البلاد إليك، ودلّنى فضلك عليك، فإما قتلتنى فاسترحت، وإما رددتنى سالما فأمنت، فقال من أنت؟ فعّرفته بنفسى فعرفنى، فقال: مرحبا بك.
حاجتك؟ فقلت: إن الحرم التى أنت أولى الناس بهنّ، وأقربهم إليهن قد خفن لخوفنا، ومن خاف خيف عليه، فبكى كثيرا ثم قال: بل يحقن الله دمك، ويوفّر مالك. ويحفظ حرمك، ثم كتب إلى السفاح: يا أمير المؤمنين، إنّه قد وفد وافد «3» بنى أمية علينا، وإنّا إنما قتلناهم على عقوقهم لا على أرحامهم، فإنّا يجمعنا وإياهم عبد مناف، فالرحم تبل ولا تفل «4» ، وترفع ولا توضع، فإن رأى أمير المؤمنين أن يهبهم لى فليفعل.
وإن فعل فليجعل «5» كتابا عاما إلى البلدان، شكرا «6» لله تعالى على نعمه عندنا وإحسانه إلينا، فأجابه إلى ذلك. وكتب لهم أمانا، وكان هذا أول أمان بنى أمية.

الصفحة 51