كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

على المنصور فقبّل يده، فأمره أن ينصرف ويستريح ليلته ويدخل الحمام فانصرف.
فلما كان من الغد دعا المنصور عثمان بن نهيك وأربعة من الحراس، فأمرهم أنه إذا صفّق بيده أن يقتلوا أبا مسلم وتركهم خلف الرواق، واستدعى أبا مسلم فدخل عليه، فقال له المنصور: أخبرنى عن نصلين أصبتهما مع عبد الله بن على، قال: هذا أحدهما، قال: أرنيه فانتضاه وناوله إياه، فوضعه المنصور تحت فراشه، وأقبل يعاتبه وقال له: أخبرنى عن كتابك إلى السفاح تنهاه عن الموات، أردت أن تعلمنا الدين!؟ قال:
ظننت أن أخذه لا يحلّ، فلما أتانى كتابه علمت أنه وأهل بيته معدن العلم؛ قال: أخبرنى عن تقدمك إياى بطريق مكة، قال: كرهت اجتماعنا على الماء فيضر ذلك بالناس، فتقدمت للرفق؛ وذكره بذنوبه وما أنكره عليه، وكان من جملة ما ذكر له- ألست الكاتب إلىّ تبدأ بنفسك، وتخطب عمتى آمنة «1» بنت على، وتزعم أنك ابن سليط بن عبد الله بن عباس، لقد ارتقيت- لا أمّ لك- مرتقى صعبا، ثم قال: وما الذى دعاك إلى قتل سليمان بن كثير؟ مع أثره فى دعوتنا وهو أحد نقبائنا «2» قبل أن يدخلك فى هذا الأمر! قال: أراد الخلاف علىّ وعصانى فقتلته، فلما طال عتاب المنصور له قال: لا يقال لى هذا بعد بلالى وما كان منّى! قال: يا ابن الخبيثة، والله لو كانت أمة مكانك لأجزأت، إنما عملت فى دولتنا وبريحنا، ولو كان ذلك إليك ما قطعت فتيلا، فأخذ أبو مسلم يد المنصور يقبّلها ويعتذر إليه، فقال: والله ما رأيت كاليوم، والله مازدتنى إلا غضبا، فقال أبو مسلم: دع هذا، فو الله قد أصبحت ما أخاف إلا الله، فشتمه المنصور وصفّق بيده على الأخرى، فخرج إليه الحرس فضربه عثمان

الصفحة 74