كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 22)

فمن أطاعك فانفعه بطاعته ... كما أطاعك وادلله على الرشد
ومن عصاك فعاقبه معاقبة ... تنهى الظلوم ولا تقعد على الصمد «1»
ثم نزل.
قال: وكان أبو مسلم قد سمع الحديث من عكرمة وأبى «2» الزبير المكى وثابت البنانى ومحمد بن على بن عبد الله بن عباس والسدّى وروى عنه إبراهيم بن ميمون الصائغ وعبد الله بن المبارك وغيرهما، وقيل لعبد الله بن المبارك: أبو مسلم كان خيرا أو الحجاج؟ قال: لا أقول إن أبا مسلم خير من أحد، ولكنّ الحجاج كان شرا منه، وكان أبو مسلم فاتكا شجاعا ذا رأى وتدبير وحزم وعقل ومروءة.
قال: ولما قتل كتب المنصور إلى أبى نصر مالك بن الهيثم عن لسان أبى مسلم يأمره بحمل ثقله، وما خلّف عنده، وأن يقدم، وختم الكتاب بخاتم أبى مسلم، فلما رأى الخاتم تاما علم أن أبا مسلم لم يكتبه، فقال:
أفعلتموها، وانحدر إلى همذان وهو يريد خراسان، فكتب المنصور له عهدا على شهرزور، وكتب إلى زهير بن التركى وهو على همذان، إن مرّ بك أبو نصر فاحبسه، فأتاه الكتاب وهو بهمذان، فقال له زهير: قد صنعت لك طعاما، فلو أكرمتنى بدخول منزلى، فحضر عنده فأخذه زهير وحبسه، وقدم صاحب العهد على أبى نصر فخلّى زهير سبيله لهواه فيه فخرج، ثم كتب المنصور إلى زهير بقتله، فقال جاءنى كتاب بعهده فخليت سبيله، ثم قدم أبو نصر على المنصور فقال: أشرت على أبى مسلم بالمضى إلى خراسان، قال: نعم، كانت له عندى أياد فنصحته، وإن اصطنعنى أمير المؤمنين نصحت له وشكرت، فعفا عنه، فلما كان يوم الراونديّة قام أبو نصر

الصفحة 76