كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 22)

والعسيب: لعله أراد القضيب، قال ابن فارس: عسبان النخل كالقضبان لغيره (¬1).
وقوله: (ما رابكم إليه) قال الخطابي: كذا تقوله العامة، وإنما هو ما إربكم إليه. أي: ما حاجتكم (¬2).
ووقع في رواية أبي الحسن بالمثناة تحت بدل الباء الموحدة، وقد أسلفنا فيما مضى أن العلماء اختلفوا في الروح اختلافًا منتشرًا، وأن الكلام فيه مما يغمض ويدق، قال الأشعري: هو النفس الداخل، وقيل: هو جسم لطيف مشارك الأجسام الظاهرة والأعضاء الظاهرة، وقال بعضهم: لا يعلمها إلا الله. والجمهور على أنها معلومة، فقيل: الدم وليس في الآية دليل على أنها لا تعلم ولا أنه - عليه السلام - لم يكن يعلمها، وإنما أجاب بما في الآية الكريمة؛ لأنه كان عند اليهود إن أجاب بتفسير الروح فليس بشيء.
وأفرد ابن منده الحافظ كتابًا في معرفة الروح والنفس وقال: اختلف في معرفة الأرواح ومحلها من النفس، فمذهب أهل السنة والجماعة أن الأرواح كلها مخلوقة قال - صلى الله عليه وسلم -: "الأرواح جنود مجندة" (¬3) والجنود المجندة مخلوقة، وقال بعضهم: إنها من أمر الله أخفى الله حقيقتها وعلمها عن خلقه، قال تعالى {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} وقيل: إنها نور من نوره، وحياة من حياته، وفى الحديث: "إن الله خلق الخلق في ظلمة ثم ألقى عليها نورًا" (¬4).
¬__________
(¬1) "مجمل اللغة" 2/ 667.
(¬2) "أعلام الحديث" 3/ 1873.
(¬3) سلف برقم (3336).
(¬4) رواه الترمذي (2642)، وأحمد 2/ 176 والحاكم 1/ 30 - 31 كلهم من طريق عبد الله بن الديلمي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا. وقال الترمذي: هذا =

الصفحة 558