كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 22)

ثم اختلفوا في فناء الأرواح بموت الأبدان والأنفس على قولين (¬1): أحدهما: لا تموت ولا تبلى قال - عليه السلام -: "أرواح الشهداء في أجواف طير خضر في الجنة تأكل وتشرب" (¬2)، وقال: "يعرج بروح المؤمن إلى السماء فتسجد".
وثانيهما: تموت ولا تبلى، وتبلى الأبدان.
واحتجوا بحديث الصور قالت جماعة: الأرواح على صور الخلق لها أيد وأرجل وسمع وبصر.
وقال بعضهم: الأرواح تعذب كالأجسام لأخبار فيه. قال تعالى {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)} [المطففين: 7] فيعذبان جميعًا كما ينعمان، لأخبار ثابتة فيه عن الصحابة والتابعين. وغلط من ادعى بعثها مجردة من غير بدن؛ لأنه ترابي، ثم قيل: ينشئ الله لها أجسامًا من الجنة، وما أبعده!!
وقيل: للمؤمن ثلاثة أرواح، وللكافر والمنافق واحد. وقيل: للأنبياء والصديقين خمسة أرواح، وكله بحكم. وقيل: الروح روحان: اللاهوتية والناسوتية. وقيل: روحانية خلقت من الملكوت، فإذا فنت رجعت إليه. وقيل: إنما تكون نورية روحانية ملكوتية إذا كانت صافية، وقيل: الروح لاهوتية، والنفس أرضية طينية نارية.
وشر الأقوال تناسخها وانتقالها من جسم إلى جسم، وقال مقاتل في
¬__________
= حديث حسن. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، قد تداوله الأئمة، وقد احتجا بجميع رواته، ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علة. وصححه أيضًا الشيخ أحمد شاكر في تحقيق "المسند" (6644)، والألباني في "الصحيحة" (1076).
(¬1) انظر: "الروح" لابن القيم ص 227.
(¬2) رواه الترمذي (1641) من حديث كعب بن مالك، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

الصفحة 559