كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 22)
نارية، والروح نورية روحانية. وقال بعضهم: الروح لاهوتية والنفس ناسوتية. وقال أهل الأثر: الروح غير النفس. وقولهم النفس بالروح والنفس لا تريد إلا الدنيا والروح تدعو إلى الآخرة وتؤثرها، وقد جعل الهوى تبعا للنفس، فالشيطان مع النفس والهوى، والملك مع العقل والروح.
وفي "التمهيد" من طريق وهب قال: إن الله خلق آدم وجعل نفسًا وروحًا، فمن الروح عفافه وفهمه وحلمه وسخاؤه، ومن النفس شهوته وغضبه ونحو هذا (¬1).
قال السهيلي: هذا معناه صحيح، وسبيلك أن تنظر في كتاب الله أولًا لا إلى الأحاديث التي تنقل مرة على اللفظ ومرة على المعنى، فيقول: قال تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29] ولم يقل: من نفسي، فلا يجوز أن يقال هذا، ولا خفاء فإنه من الفرق في الكلام، وذلك يدل على أن بينهما فرقًا في المعنى. وبعكس هذا {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} [المائدة: 116] ولم يقل: ما في روحي، فلو كانت النفس والروح اسمين بمعنى واحد كالليث والأسد لصح وقوع كل واحد منهما لصاحبه في آي كثيرة، فأين إذن كون الروح والنفس بمعنى واحد لولا الغفلة عن تدبر القرآن؟ ثم أطال الكلام فيه (¬2).
وأما أبو محمد بن حزم فإنه قال: هما واحد لقوله - عليه السلام -: "أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك" وأخذ بروحي ذكره أول "محلاه" (¬3).
¬__________
(¬1) "التمهيد" 5/ 243.
(¬2) "الروض الأنف" 2/ 62 - 63.
(¬3) "المحلى" 1/ 5 - 6، وقوله: (أخذ بنفسي ..) إنما هو من قول بلال، وكذلك ذكره في "المحلى".
الصفحة 561
638