كتاب التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

إلينا عتبان أساسيان، لا سيما ونحن مؤلفي هذا الكتاب، من خريجي الجامعة الأمريكية.
أما العتبان فهما:
1 - أننا حملنا من اللوم على الجامعة الأمريكية أكثر مما حملنا على الجامعة اليسوعية مثلاً.
2 - أن الجامعة الأمريكية نشأت نشأة تبشيرية، ولكنها اليوم ليست مؤسسة تبشيرية.
أما العتب الأول، أو الاعتراض الأول على الأصح، فالرد عليه يسير جدًا. إن الكتب التي كتبها المبشرون الأمريكان أكثر من تلك التي كتبها المبشرون الفرنسيون. ومن هنا فقط جاء عدد الصفحات التي خصصنا بها الجامعة الأمريكية. هذا من ناحية. أما من الناحية الثانية فإن المادة التبشيرية التي جمعناها عن اليسوعيين لا تقل من حيث الأهمية ولا من حيث الأذى السياسي الذي نزل ببلادنا عن تلك التي جمعناها عن الأمريكان، بقطع النظر عن عدد الصفحات. وأما العتب الثاني فالكلام عنه أشد تعقيدًا.

لا شك في أن سياسة الجامعة الأمريكية اليوم تختلف عما كانت عليه في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. إن النظر إلى التبشير قد تبدل عند المبشرين أنفسهم. فليسمح لنا أصدقاؤنا في الجامعة الأمريكية في بيروت أن نضع أمامهم الحقائق التالية:
1 - هناك شاب من صيدا كان طالبًا في الجامعة الأمريكية في بيروت وتخرج فيها برتبة بكالوريوس علوم عام 1943، وقد صبأ هذا الطالب إلى النصرانية في أثناء وجوده تلميذًا في الدائرة العلمية. هنالك شاب آخر من جنوبي لبنان [كان] طالبًا في الجامعة الأمريكية تخرج فيها برتبة بكالوريوس علوم 1944 وبرتبة أستاذ علوم عام 1947. وكان قد علم في الجامعة الأمريكية في بيروت من عام 1944 إلى العام 1947. ثم إنه نال شهادة الدكتوراه عام 1949 من جامعة أدنبرة. ولقد صبأ أيضًا إلى النصرانية وهو اليوم أستاذ في الجامعة. هذان تلميذان في الجامعة الأمريكية في بيروت صَبَأَ صَبَأً! إلى النصرانية بالأمس القريب وبين جدران الجامعة، فقول القائلين بأن الجامعة تركت سياسة التبشير القديمة بين طلابها قول تقوم الشواهد على خلافه.
2 - إن مفهوم التبشير قد تبدل الآن. في العاشر من تشرين الثاني عام 1954، وكنت قد بدأت أنا والدكتور خالدي بجمع مَوَادَّ جَدِيدَةٍ للطبعة الثانية، كتبت إلى الدكتور (بنروز) رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت أسأله عما إذا كانت الجامعة الأمريكية مؤسسة علمية بحت أو أن لها طابعًا علميًا وتبشيريًا مَعًا. وقد أجابني الدكتور (بنروز) في الثاني من الشهر المذكور جوابًا مطولاً قال فيه: إن الجامعة الأمريكية في بيروت لم تكن

الصفحة 107