كتاب التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

لم يكونوا حازمين أمرهم على خطة معينة أو هدف معين. وكذلك كان زعماء العرب وحكامهم تتنازعهم الأهواء والمصالح الشخصية والإقليمية. على أن هذه المصادر لا تخفي، أو لا يخفي فيها، تواطؤ الدول الأجنبية كلها - خصوصًا الدول الكبرى: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفياتي - على العرب.

نشرت مجلة " كومنتري " التي تصدرها اللجة الأمريكية اليهودية في نيويورك في عددها الصادر في نيسان من عام 1947 تقريرًا سَنُوجِزُهُ فِي مَا يَلِي (¬1):
إن فلسطين لم تكن تستغرق اهتمام (ترومان)، رئيس جمهورية الولايات المتحدة، مع كل ما كان فيها من الاضطراب، ذلك لأن فلسطين لم تكن بقعة دفاعية في الجبهة الإنجليزية الأمريكية، كتركيا واليونان مثلاً، ولكنها خَطًّا من خطوط المواصلات الداخلية .. غير أن مشكلة فلسطين كانت أكثر تعقدًا مما يبدو عليها. ويبدو أن بريطانيا كانت تريد أن تغمس الولايات المتحدة في مشكلة فلسطين، فلم تجد - وهي المنتدبة على فلسطين والمسؤولة وحدها عنها - خيرًا من أن تحيل تلك المشكلة إلى هيئة الأمم. ومع أن الوزارة البريطانية كانت قد اتخذت قرارًا بإحالة قضية فلسطين إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنها لم تتخذ في ذلك خطوة إيجابية سريعة. ففي السادس والعشرين من آذار أعلن (تريغفه لي)، الأمين العام للأمم المتحدة، أنه لم يتلق من أحد بلاغًا عن هذه القضية. ولقد ذكر في ذلك الحين أن (تريغفه لي) كان يفضل تأليف لجنة لدرس الموقف. غير أن الولايات المتحدة لم تكن واثقة من أن القانون يجيز تأليف مثل هذه اللجنة. ولكن تبين في الوقت نفسه أن لجنة فرعية كانت قد تألفت في الأمم المتحدة لجمع المعلومات للجنة المزمع إنشاؤها لدرس الموقف في فلسطين. في تلك الأثناء كان (عبد الرحمن عزام)، الأمين العام لجامعة الدول العربية، قد صرح في القاهرة بأن اللجنة السياسية في الجامعة العربية قد رفضت الاقتراح القائل بتأليف لجنة لدرس الموقف.
ويذكر التقرير الذي نوجزه في هذا المكان (وهو يعبر عن رأي اليهود) أن المفتاح لكل حل يمكن أن يكون مرضيًا عنه إنما هو في يد الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة وحدها تملك الإمكانيات التي تجعل تساهل الزعماء العرب في (قضية) فلسطين مُجْدِيًا (لَهُمْ). ثم إن لها من الدالة ما يجعلها قادرة على عقد هذه الصفقة.
¬__________
(¬1) Commentary, New York, vol. 3, No. 4, April 1947, pp. 257 - 62

الصفحة 188