كتاب التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

- «وَكَانَتْ أَرْمِينِيَّةُ مُهِمَّةً كَذَلِكَ. كَانَتْ الكَنِيسَةُ الأَرْمِنِيَّةُ قَدْ أَضَاعَتْ مَجْدَهَا مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ، وَلَكِنْ بِالإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ الكَنِيسَةُ الأَرْمِنِيَّةُ وَسِيلَةً مُهِمَّةً لِتَنْصِيرِ غَرْبِيِّ آسْيَا ... بِالتَّقَدُّمِ مِنْهَا إِلَى إِيرَانَ وَالعِرَاقَ وَسُورِيَّةَ وَفِلَسْطِينَ وآسْيَا الصُّغْرَى. وَهَكَذَا تَسْتَطِيعُ الكَنِيسَةُ المَسِيحِيَّةُ، بِلاَ حَرْبٍ صَلِيبِيَّةٍ، أَنْ تَسْتَرِدَّ تِلْكَ المَنَاطِقَ التِي خَسِرَتْهَا مُنْذُ أَزْمَانٍ طِوَالٍ» (ص 72).

- «وَمُنْذُ الزَّمَنَ البَعيدِ (عَامَ 1819) نَشَأَتْ فِكْرَةُ حَلِّ اليَهُودِ مِنْ ذَنْبِ التَّدْبِيرِ لِصَلْبِ المَسِيحِ، تِلْكَ الفِكْرَةُ التِي نَفَّذَتْهَا البَابَوِيَّةُ عَامَ 1965 م بَعْدَ مِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ عَامًا فَقَدْ ذَكَرَ (لِيفَي بَارْسُونِزْ) فِي تَقْريرٍ لَهُ عَنْ الإِرْسَالِيَّةِ فِي فِلَسْطِينَ قَوْلَهُ:" إِنَّ جُمْهُورَ المَسِيحِيِّينَ يَجِبُ أَنْ يَدْعُوَ لِلْيَهُودِ دَعْوَةَ صَالِحَةٍ وَأَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ صلْبَ المَسِيحِ (¬1) كَمَا كَانَ المَسِيحُ قَدْ غَفَرَ لَهُمْ ذَلِكَ ". إِنَّ عُيُونَ (اليَهُودِ) تَشْخَصُ إِلَى الْقُدُسِ، فَهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ المَسِيحَ (المَهْدِيَّ) سَيَظْهَرُ فِيهَا ... وَيَقُولُ (بَارْسُونِزْ):" إِنَّنَا إذَا اِسْتَطَعْنَا أَنْ نَحْمِلَ البْرُوتِسْتَانْتْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا فِي القُدْسِ نَوَاةَ مِنَ اليَهُودِ تَتَقَبَّلُ المَسِيحَ فَإِنَّ جَمِيعَ يَهُودَ العَالَمِ سَيَقْتَفُونَ خُطَاهَا حَالاًّ. وَهَكَذَا اِهْتَمَّتْ جَمِيعُ الإِرْسَالِيَّاتِ التَّبْشِيرِيَّةِ بِالخُطْوَةِ التِي خَطَّتْهَا الإِرْسَالِيَّةُ الأَمِرِيكِيَّةُ» (ص 76، 77).

- «وَلَمَّا أَرْسَلَ المَجْلِسُ المُفَوَّضُ بِأَمْرِ الإِرْسَالِيَّاتِ التَّبْشِيرِيَّةِ مُبَشِّرِيهِ الأَوَّلِينَ إِلَى الشَّرْقِ الأَدْنَى لَمْ يَكُنْ يَنْتَظِرُ أَنْ تَكُونَ نَتَائِجُ عَمَلِهِمْ بَيْنَ المُسْلِمِينَ سَرِيعَةَ الظُّهُورِ: لَقَدْ أَدْرَكَ المَجْلِسُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ السَّهْلِ حَمْلُ المُسْلِمِ عَلَى تَبْدِيلِ دِينِهِ، لأَنَّ المُسْلِمِينَ مُقْتَنِعُونَ بِأَنَّ الإِسْلاَمَ أَسْمَى الأَدْيَانِ، ثَمَّ إِنَّ السُّلْطَةَ السِّياسِيَّةَ فِي يَدِ المُسْلِمِينَ. غَيْرَ أَنَّ الأَمَرِيكِيِّينَ كَانُوا يَأْمَلُونَ أَنْ يَتَقَوَّضَ البِنَاءُ السِّيَاسِيُّ لِلْدَّوْلَةِ العُثْمَانِيَّةِ فِي أَثْناءِ ذَلِكَ فَيُقْضَى بِالتَّالِي عَلَى القُوَى الإِسْلاَمِيَّةِ. وَكَذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ يَظُنُّ أَنَّ حَرَكَةَ الوَهَّابِيِّينَ الإِصْلاَحِيَّةِ سَتَهْدِمُ الإِسْلاَمَ السَّلَفِيَّ» (ص 78، 79).
¬__________
(¬1) كان النصارى يحملون عداءً شديدًا لليهود اعتقادًا منهم بأن اليهود هم الذين طلبوا من الحاكم الروماني قتل المسيح، وكانوا يجعلون جميع اليهود في جميع العصور شركاء في هذا الجرم.

الصفحة 261