كتاب التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

ثُمَّ أَخَذُوا يَضْرِبُونَهَا لأَنَّهَا فَاسِدَةٌ». وكذلك يزعم (جسب) نفسه أن القرآن يدعو إلى ضرب المرأة. حتى المرأة الفاضلة تخشى مثل هذا العقاب (¬1)، ذلك لأن الإسلام نظام ناقص والمرأة فيه مستعبدة (¬2).

ويتميز المبشر الأمريكي هنري (جسب) بمزيج من الافتراءات والخرافات، فقد زعم أن (الشيخ يوسف الأسير) علم أولاده أغاني مسيحية باللغة العربية (¬3). و (الشيخ يوسف الأسير) علم معروف في بيروت وأولاده معاصرون لنا، وأحفاده لا يزالون يحيون بيننا، ولم نعرف ذلك عن أحد منهم.

وادعى كثيرون من المبشرين أنهم نَصَّرُوا جماعات من الناس، كل هذا احتيالاً على أموال الجمعيات والأفراد الذين ينفقون على مثل هذه المشروعات. من هؤلاء مبشر إنكليزي اسمه (بلدوين) ادعى أنه نَصَّرَ فريقًا من المسلمين، فأرسلت الهيئة التي يعمل (بلدوين) هذا تحت إشرافها رجالاً ليتحققوا من دعواه فلم يجدوا مسلمًا واحدًا صبأ على يديه (¬4).

ويزعم (رشتر) أن أكثر الدروز قد أصبحوا بروتستانتيين قلبيًا. ولولا أن الدولة العثمانية منعتهم بالقوة من إعلان بروتستانتيتهم لأصبحوا كلهم بروتستانتًا ظاهرًا وباطنًا (¬5).
ثم ينسى (رشتر) هذا الزعم فيذكر بعد بعض عشرة صفحة عن الدروز أنفسهم لا يفكرون في أن يصبحوا نصارى (¬6). و (رشتر) نفسه يزعم هذا الزعم على النصيرية أيضًا (¬7).

وقد كان (جسب) يؤمن بالخرافات ويمزج إيمانه هذا بملاحظات بعيدة عن الشعور الإنساني. ففي كانون الثاني عام 1862 (رجب سنة 1278 هـ) فاضت الأودية في مكة من مياه المطر وأحدثت خسائر في الأبنية والنفوس. فربط (جسب) هذه الكارثة بفتنة سنة 1860 في لبنان، ثم علق على ذلك بقوله، بعد أن زعم أن لشريف مكة صلة بالفتنة: «إِنَّ طُوفَانَ الكَعْبَةِ قَدْ جَاءَ دَلِيلاً عَلَى أَنَّ مَكَائِدَ مُثِيرِي الفِتَنِ تَقَعُ أَحْيَانًا عَلَى رُؤُوسِهِمْ» (¬8).
¬__________
(¬1) Jessup 28
(¬2) Milligan 20 - 21
(¬3) .Jessup 145 f
(¬4) .Jessup 547
(¬5) Richter 192 f
(¬6) ibid 204.
(¬7) ibid 184. 195f
(¬8) Jessup 241 - 2

الصفحة 43