كتاب الوقوف والترجل من مسائل الإمام أحمد

101- أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ.
أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى فِي مرضه بضيعة له وقف عَلَى بَعْضَ قَرَابَتِهِ فَبَرِأَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ غَيَّرَ وَصِيَّتَهُ فِي صِحَّتِهِ حِينَ بَرِأَ تَكُونُ هَذِهِ الضَّيْعَةُ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ؟
فَقَالَ: لَوْ كَانَ مَاتَ فِي مَرَضِهِ الْأَوَّلِ كَانَتْ مِنَ الثلث فأما إذا صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ وَتَرَكَهَا حَتَّى مَاتَ فَهِيَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ.
[14] بَابٌ الرَّجُلُ يُوقِفُ عَلَى الرَّجُلِ الْوَقْفَ ثُمَّ يَمُوتُ؟
قَالَ: يَرْجِعُ إِلَى وَرَثَتِهِ يَعْنِي وَرَثَةَ الْمُوقَفِ عَلَيْهِ
102- أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُمْ:
أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى وَصِيَّةً فِيهَا وَقْفٌ عَلَى مَوْلَى لَهُ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ مَوَالِي لَهُ آخَرِينَ فَأَوْصَى إِلَيْهِمْ أَيْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ فَمَاتَ عِنْدَ مَوَالِيهِ فأخرجوا ثلثه فأنفذوه ثُمَّ وَهَبُوا الدَّارَ الَّتِي أَوْقَفَهَا صَاحِبُهَا لِرَجُلٍ؟
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا لَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ قَدْ أَوْقَفَهَا عَلَى رَجُلٍ فَهِيَ لَهُ فَإِذَا مَاتَ صَارَتْ إِلَى وَرَثَتِهِ.
103- وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ بُخْتَانَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
فَإِنْ قَالَ هُوَ وُقْفٌ عَلَى فُلَانٍ فَمَاتَ فَلَانٌ فَهُوَ يَرْجِعَ إِلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ.
ثُمَّ قَالَ: إِذَا جَعَلَ ذَلِكَ فِي صِحَّةٍ مِنْهُ.
104- أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ حَدَّثَنَا حَنْبَلٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
-[45]-
الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى وَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَهَذِهِ أَوْقَافُ الزُّبَيْرِ وَأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ إِذَا لَمْ يَحِدْ بِهَا عَنِ الْفَرَائِضِ وَهُوَ عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ وَمَنْ أَعْمِرَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَالسُّكْنَى خِلَافُ الْوَقْفِ وَالرُّقْبَى مِثْلُ الْوَقْفِ إِذَا أَسْكَنَكَ هَذِهِ الدَّارَ فَسَكَنَهَا الَّذِي أَسْكَنَهَا ثُمَّ مَاتَ رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي أُسْكِنَهَا وَلَا يِكُونُ لِلْوَرَثَةِ كَذَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ قَبَضَهَا لَمَّا مَاتَ الْمُسْكِنُ.
وَالْوَقْفُ إِذَا مَاتَ كَانَتْ لِوَرَثَتِهِ وَلِوَلَدِهِ يَسْكُنُونَهَا وَيَعْمُرُونَهَا. وَكَذَلِكَ الرُّقْبَى عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَهَذِهِ وُقُوفُهُمْ بِالْمَدِينَةِ يَتَوَارَثُونَهَا إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ وَالْفُقَهَاءُ وهَلُمَّ جَرَّا وَهِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَأَمْرٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
ويُنَفَّذُ عَلَى مَا أَوْصَى الْمَيِّتُ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ.
- وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الَعُمْرَى. وَالرُّقْبَى وَالْوَقْفُ مَعْنَى وَاحِدٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ شَرْطٌ لَمْ يَرْجَعْ إِلَى وَرَثَةِ الْمُعْمِرِ فَإِنْ شَرَطَ فِي وَقْفٍ فَقَالَ: حَيَاتُهُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِوَرَثَةِ الْمُعْمِرِ.
فَإِنْ جَعَلَهَا لَهُ حَيَاتَهُ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ كَانَتْ لِوَرَثَتِهِ لِلَّذِي أَعْمَرَهَا وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ.
- وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى جَائِزَةٌ مَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَالسُّكْنَى إِذَا أَسْكَنَكَ هَذِهِ الدَّارَ فَسَكَنَهَا الَّذِي أَسْكَنَهَا ثُمَّ مَاتَ رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي أُسْكِنَهَا وَلَا يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ. كَذَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ قَبَضَهَا لَمَّا مَاتَ الْمُسْكِنُ.
وَالْوَقْفُ إِذَا مَاتَ كانت لورثته ولولده يسكنونها ويعمرونها وكذلك الرقبى.
- وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُرْقِبُ الرَّجُلَ وَيُعْمِرُهُ؟
قَالَ: هِيَ لَهُ.
-[46]-
قِيلَ لَهُ: فَإِنْ قَالَ: هِيَ لَكَ فِإْذَا مُتَّ فَهِيَ لِفُلَانٍ؟
قَالَ: هِيَ لِهَذَا الَّذِي أَعْمَرَهَا وَأَرْقَبَ إِذَا مَاتَ فَلِوَرَثَتِهِ لَا يَكُونُ لِلْآخَرِ شَيْءٌ.
وَقَالَ: السُّكْنَى خِلَافُ هَذَا. إِذَا قَالَ: قَدْ أَسْكَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ حَيَاتَكَ. فَهِيَ لَهُ حَيَاتَهُ فَإِذَا مَاتَ رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي أَسْكَنَهَا.
- وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
قَالَ: الْعُمْرَى. وَالرُّقْبَى وَالْوَقْفُ جَائِزٌ كُلُّهُ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ: أَنَّهُمْ فَعَلُوهَا وَأَجَازُوهَا.
- وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
قَالَ: فَالرُّقْبَى وَالْعُمْرَى. الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَبَعْدَ مَوْتِهِ.
وَالسُّكْنَى رَاجِعَةٌ إِلَى السكن. فإذا قال: هي لك سكنى حياتك فهي رَاجِعَةٌ إِلَى الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى مَا شَرطَ الْمُسْكِنُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَلِكٍ لِهَذَا.
وَالْعُمْرَى. وَالرُّقْبَى مِلْكٌ.

الصفحة 44