كتاب السلفيون والأئمة الأربعة - رضي الله عنهم -

بها وكان سفره إلى هناك خيراً وبركة للمصريين الذين التفوا حوله وأخذوا عنه.
وتوفي رضي الله عنه سنة 204 هـ أي في أوائل القرن الثالث الهجري. ولما بلغ الإمام أحمد خبر وفاته حزن عليه حزناً شديداً وبكاه بكاءً مراً حتى أن ابنه عبد الله يقول له لما رأى من تأثره وبكائه: " يا أبت! أي رجل كان الشافعي؟ ! فقال: يا بني! كان الشافعي كالشمس للدنيا، والعافية للبدن، فانظر هل لهذين من خلف أو عنهما من عوض " (الوفيات (305: 2)) ، وهذا منتهى الوفاء والإخلاص. ويقول أيضاً الإمام أحمد في صديقه الشافعي وأخيه وأستاذه: " ما عرفت ناسخ الحديث ومنسوخه إلا عندما جالست الشافعي " (الوفيات (305: 3)) ، ويقول: " ما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي واستغفر له ". هذه شهادات عظيمة من الإمام الجليل أحمد بن حنبل للإمام الجليل الشافعي وهي تكفي عن كل شهادة سواها.
ورابع الأئمة من حيث الزمن هو الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، ولد في ربيع أول سنة 164 هـ وتوفي ببغداد سنة 241 هـ في ربيع الأول أيضاً يوم جمعة وهو عربي الأب والأم.
بدأ الإمام أحمد بطلب علم الحديث صغيراً، وسمع من شيوخه ببغداد ثم سافر في طلب الحديث إلى الحجاز ثم اليمن وحج مرات ماشياً. وابتدأ في تدوين ما سمع حتى اجتمع له من الحديث شيء كثير جداً واشتهر بين الناس بصلاحه وتقواه،

الصفحة 40