كتاب توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية

فبعضهم يقول: الجسم ما كان مركبا من الجواهر المفردة. والجواهر المفردة جمع الجوهر المفرد.
والجوهر المفرد هو الجزء الصغير الذي لا يمكن تقسيمه؛ أي: لا يقبل القسمة والانقسام قطعا.
ويقال له: الجزء الذي لا يتجزأ، أي: لا ينحل، فالجوهر خلاف العرض؛ فالجوهر ما كان قائما بنفسه كالجسم مثلا، والعرض ما كان قائما بغيره كاللون مثلا، نحو بياض الثلج، وسواد الزنجي، وهي قائمة بغيرها لا تقوم بأنفسها، والمفرد أي: الجزء المتفرد الذي لا ينقسم إلى جزئين فصاعدا.
وبعضهم يقول: الجسم ما كان مركبا من المادة والصورة والمراد بـ"المادة" أصل الشيء، والمراد من الصورة وضع الشيء بعد تركيبه، أي: هيئته وشكله وتناسب بعض أجزائه مع بعض.
(فالمادة) هاهنا جوهر، والصورة هاهنا عرض.
وأقول: مقصود شيخ الإسلام من هذا البحث الطويل تبكيت المتكلمة ومناظرتهم بقواعدهم وعلومهم ومصطلحاتهم، فيريد شيخ الإسلام إثبات أمور.
الأمر الأول: أن الروح مما يشار إليه إشارة حسية، فالروح سواء كانت جسما أم لا ولكنها متصف بعدة صفات؛ كالوجود والحياة، والعلم والسمع والبصر والصعود والنزول والذهاب والمجيء ونحوها من الصفات وهي فينا ومعنا، وهي مخلوقة.
ومع ذلك نرى أن العقول قاصرة عن إدراك حقيقتها؛ فكيف

الصفحة 31