كتاب توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية

(29) (قال) شيخ الإسلام ابن تيمبة رحمه الله:
(قيل له: هذا اصطلاح اصطلحتموه.. مع اتصافه بنقائضه) 1.
الشرح:
أقول: هذا جواب لاعتراض الجهمية، وتقرير هذا الاعتراض:
أن الجهمية لما وصفوا الله تعالى بأنه "لا حي ولا ميت"، فنفوا عن الله تعالى الحياة والممات معا فأورد عليهم أهل السنة إشكالا –تقريره:
إنكم أيها الجهمية قد وصفتم الله تعالى بأنه لا حي ولا ميت، فنفيتم عن الله تعالى الحياة وضده الممات.
وهذا النفي لا يمكن عقلا؛ لأنه إذا لم يكن حيا لا بد أن يكون ميتا، وإذا لم يكن ميتا لا بد أن يكون حيا.
وإلا يلزم رفع النقيضين، ورفع النقيضين باطل باتفاق العقلاء.
فأجاب هؤلاء الجهمية عن هذا الإشكال فقالوا: لا يلزم من قولنا: "لا حي ولا ميت" –رفع النقيضين: لأن الحياة والممات ليسا نقيضين؛ بل هما من قبيل العدم والملكة، والقاعدة في المتخالفين تخالف العدم والملكة: أن يكون محل العدمي صالحا للوجودي وبالعكس. ويكون محل العدمي صالحا للوجودي وبالعكس.
نحو: العمى والبصر. فالعمى عدمي، والبصر وجودي.
فمحل العدمي ههنا صالح للوجودي وبالعكس، فزيد بصير مثلا
__________
1 التدمرية ص31.

الصفحة 34