كتاب توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية

لكنه صالح لأن يكون أعمى، وبكر أعمى مثلا، ولكنه صالح لأن يكون بصيرا.
وأما إذا لم يكن ذلك المحل قابلا للآخر فحينئذ يجوز لك أن تنفي الوجودي والعدي كليهما؛
لأنه لا يلزم حينئذ ثبوت أحدهما بنفي الآخر أو بنفي أحدهما.
وذلك كالجدار فإن الجدار ليس محلا للعلم ولا للجهل، فإذا قلت: هذا الجدار لا عالم ولا جاهل جاز لك هذا؛
لأنه لا يلزم من قولك: الجدار ليس بعالم أن يكون الجدار جاهلا.
وإذا نفيت الجهل عن الجدار وقلت الجدار ليس بجاهل لا يلزم منه أن يكون الجدار عالما، فيصح لك أن تقول: هذا الجدار ليس بعالم ولا جاهل ولا حي ولا ميت، فهكذا يجوز أن تقول: الله ليس بحي ولا ميت ولا عالم ولا جاهل. هذا كان تقرير اعتراض الجهمية وبيان إشكالهم على جواب أهل السنة؛ ولكن أجيب عن هذا الإشكال على لسان شيخ الإسلام فقال:
إن هذا الله ذكرتم في بيان التناقض والتخالف والعدم والملكة –من تلك القاعدة- فهذه القاعدة فاسدة غير صادقة؛ فإن هذه القاعدة مجرد اصطلاح اصطلحتموه ولسنا متفقين معكم عليها.
فلا حجة لكم فيها علينا؛ لأنه من المعلوم: أن ما يوصف بعدم الحياة والسمع والبصر والكلام يمكن وصفه بالموت والعمى والخرس والعجمة.

الصفحة 35