كتاب توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية

فأورد عليهم أهل السنة إشكالا تقريره: أنتم أيها الماتريدية والأشعرية قد نفيتم عن الله تعالى الدخول والخروج والاتصال والانفصال. وهذا رفع للنقيضين.
وهذا غير ممكن عقلا، فإنه إذا لم يكن داخلا في العالم كان خارجا عنه ولا بد من ذلك.
وإذا لم يكن متصلا بالعالم كان منفصلا عنه ولا بد من ذلك!
فإن نفي أحدهما يستلزم إثبات الآخر إذ لا يجوز نفيهما جميعا.
لئلا يلزم رفع النقيضين. فأجاب هؤلاء الجهمية الماتريدية والأشعرية عن إشكال أهل السنة هذا بقولهم: إن الله تعالى ليس بمتحيز أصلا، والقبول وعدمه من صفات المتحيز أي: كون الشيء داخلا وخارجا أو متصلا أو منفصلا لا يتحقق إلا في المتحيز، والله غير متحيز، فالله تعالى غير قابل للدخول والخروج والاتصال والانفصال.
فلا يرد ذلك الإشكال ألبتة.
فأجاب شيخ الإسلام عن هذا الاعتراض بجوابين:
الجواب الأول بقوله: "فيقال لهم: علم الخلق بامتناع الخلو من هذين النقيضين علم مطلق لا يستثنى منه موجود".
والمعنى أن قولكم: "إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل ولا منفصل عنه" باطل في بداهة عقول الناس؛ فإن علم الناس بهذا البطلان علم مطلق قوي بديهي ضروري عند كل إنسان، فكل إنسان يعلم علما يقينيا:

الصفحة 38