كتاب توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية

النجوم لا تشاهد عند شعاع الشمس بالنهار مع أنها موجودة.
فلقوة شعاع وجود الرب تعالى لا يرى هذا الرجل، ولا يشاهد إلا الله تعالى مع اعتقاده أن هناك أشياء موجودة غير الله تعالى، فلقوة تعلقه بالله في زعمه لا يلتفت ولا يرى لا زوجة ولا زوجا ولا أكلا ولا شربا ولا مالا، فالعارف يعني الصوفي العارف بالله (في زعمهم) إذا غاب بموجوده أي: بجسمه هو عن وجوده هو فهو لا يشاهد إلا الله تعالى ولا يرى جسمه وإذا غاب بمشهوده أي ربه [لأنه بشهود له فقط] عن شهوده لغيره.
فهو لا يشاهد غير مشهوده، وهو الله، وإذا غاب بمعروفه [أي ربه الذي هو معروف لديه] عن معرفته لأشياء أخرى غير الله، فهو لا يعرف شيئا غير الله تعالى، فإنه حينئذ يدخل في فناء التوحيد الكامل وهو توحيد الربوبية عندهم، وهو توحيد كوني.
بحيث يعتقد أن من لم يفن في الأزل فهو فان غير موجود. ونحو الأكل والشرب والزوجة والكون لم يكن موجودا فهو الآن كأنه غير موجود وأن من كان في الأزل، وهو الله فهو باق لم يزل ولا يزال. أما الأشياء الأخرى والموجودات الأخرى كأنها لا وجود لها أصلا.

الصفحة 49