كتاب توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية

الأول: أن الأسباب مفتقرة بعضها إلى بعض، فما من سبب مستغن عن الآخر؛ وما من سبب إلا وهو مفتقر إلى سبب آخر في حصول مسببه.
الثاني: أنه لا بد في كون الأسباب أسبابا من عدم المانع، فإذا جاء المانع لا ينفع السبب فلا يوجد المسبب فالنار سبب للاحتراق إذا لم يكن هناك مانع؛ وإلا فلا.
فإن إبراهيم عليه السلام ألقي في النار ولم يحترق، فالنار خلق الله فيها الحرارة لا يحصل الإحراق إلا بها ولا بد من المحل الذي يقبل الاحتراق، وإلا لا يوجد الاحتراق أصلا، فإن وقع السمندل والياقوت ونحوهما في النار لا يحصل الاحتراق، وقد يطلى الجسم بما يمنع الإحراق فلا يحصل الاحتراق لوجود المانع.
والشمس سبب لوصول شعاعها إلى الأرض بشرط وجود الجسم الذي يقبل انعكاس الشعاع عليه، فإذا حصل حاجز من سحاب أو سقف لم يحصل وصول الشعاع إلى التحت.
والحاصل أنه لا شيء يستقل ويستغني إلا الله تعالى، فكل شيء يفتقر إلى الله تعالى والله وحده هو الغني الحميد.

الصفحة 53