كتاب توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية

(41) (قال) شيخ الإسلام ابن تيمبة رحمه الله:
"ولهذا من قال: إن الله لا يصدر عنه إلا واحد ... " 1.
الشرح:
أقول قصد شيخ الإسلام – الرد على الفلاسفة اليونانيين الكفرة ومن شابهم من المنتسبين للإسلام كابن سينا والملاحدة؛ حيث قالوا: إن الله فلا يصدر عنه إلا واحد. وفي هذا القول فسادان:
الفساد الأول: أنه يدل على أن الله تعالى غير مريد ولا مختار في خلق المخلوقات.
بل هو مضطر مجبور، حيث صدر منه واحد بالاضطرار بدون الاختيار.
الفساد الثاني: أن هذه القضية كاذبة في نفسها؛ فإنه لا يوجد دليل على أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، بل الحق والصدق أن الواحد يصدر عنه أشياء كثيرة. كما قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} 2. فعلم أن الله خالق الأزواج، وأن خالق الأزواج واحد، والأزواج كثيرة.
فدل ذلك على أن الواحد يخلق أشياء كثيرة.
فبطل قولهم: "إن الواحد لا يصدر منه إلا واحد".
قال شيخ الإسلام: "عارض كالسكر ... ".
الشرح:
أقول: "السكر": هو غيبة بوارد قوي، وهو يعطي الطرب
__________
1 التدمرية ص94.
2 الذاريات: الآية (49) .

الصفحة 54