كتاب توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية

والالتذاذ، وهو أقوى من الغيبة، وأتمّ منها"1.
أقول: حاصل هذا التعريف: أن "السكر" حالة من أحوال الصوفية تحصل بسبب وارد قوي يرد على قلب صوفي، إما من مشاهدته لله تعالى – حسب زعمه في كلب أو خنزير أو قرد- وإما لأجل عقيدته أن هذا الكون كله هو الله تعالى أو لأجل دعواه الكاذبة أن وصل في العشق والمحبة إلى حد فقد حواسه وقواه، من شدة الوجد والفسق والمحبة، حتى سكر لا يعي ما يقول ولا يفهم ولا يحس بالكون ولا بالتكليف كأنه مجنون أو نائم، أو ميت لا حراك له، أو يهذي هذيان المحمومين فيتكلم بكلمات الكفر والارتداد. وهذا كله انحلال وكفر وإلحاد وزندقة أيما زندقة.
ولذلك ترى شيخ الإسلام يرد على هؤلاء الزنادقة بقوله:
"فالأحوال التي يعبر عنها بالاصطلام والفناء والسكر ونحو ذلك –إنما تتضمن عدم الإحساس ببعض الأشياء دون بعض فهي مع ضعف صاحبها توقف تمييزه –لا تنتهي إلى حد يسقط فيه التمييز مطلقا؛ ومن نفي التمييز في هذا المقام مطلقا، وعظم هذا المقام- فقد غلط في الحقيقة الكونية والدينية قدرا أو شرعا وغلط في خلق الله وفي أمره، [وأوسقط التكليف] ؛ حيث ظن أن وجود هذا [الكون] لا وجود له، [بل كل هذا الكون هو الله، لا موجود إلا الله] إلى آخر كلامه المهم، انظر: التدمرية 95.
__________
1 التعريفات 120.

الصفحة 55