كتاب توضيح مقاصد المصطلحات العلمية في الرسالة التدمرية

كما قال سبحانه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} 1.
وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} 2. فدلّ ذلك على أن تفاصيل حسن الأمور وقبحها لا يعلم إلا بالوحي الذي هو مبنى الشرع.
والعقل لا يدرك تفاصيل هذه الأمور، فحسن الأشياء وقبحها مركوز في الفطر، والعقل مدرك إجمالا والشرع مزك ومرشد بالتفصيل.
(43) (قال) شيخ الإسلام ابن تيمبة رحمه الله:
"فمن نظر إلى القدر فقط وعظم الفناء في توحيد الربوبية ووقف عند الحقيقة الكونية –لم يميز بين العلم والجهل والصدق والكذب والبر والفجور والعدل والظلم والطاعة والمعصية والهدى والضلال والرشاد والغي وأولياء الله وأعدائه 3.
الشرح:
أقول: مقصود شيخ الإسلام: أن هناك حقيقتين:
الأولى – حقيقة كونية:
وهي ما خلق الله تعالى ودبره وأراده ورباه من الخير والشر
__________
1 سورة الشورى، الآية: (52) .
2 سورة السبأ، الآية: (50) .
3 التدمرية ص95.

الصفحة 57